الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالانتحار من أكبر الكبائر، وأعظم الموبقات، وأيًّا كان الباعث عليه، فهو من الذنوب العظيمة، وغالبًا ما يكون الباعث عليه القنوط من رحمة الله تعالى، واستبطاء فَرَجِه.
لكن لا يعني هذا أنه إن بعث على الانتحار غير هذا الأمر؛ لم يكن ذنبًا؛ وذلك أن النفس غير مملوكة للشخص، بل هي ملك لله تعالى؛ فليس لأحد أن يتصرّف بإتلافها، ولا أن يبادر ربّه بنفسه، وقد أكثرنا القول في الانتحار، وأدلة تحريمه في فتاوى كثيرة، انظر منها الفتوى: 22853.
ولئن كان الشخص خائفًا من دعوة مظلوم؛ فالعلاج أن يرفع الظلم عمّن ظلمه، أو أن يستحلّه من ذلك الظلم، لا أن ينتحر؛ فإنه إن انتحر بقي ذلك الظلم قائمًا، وبقي مؤاخَذًا به، إضافة إلى ذنب الانتحار.
وأما إذا كان ينتحر مخافة ذنب؛ فعلاج الذنوب هو التوبة النصوح كلما أذنب العبد، وباب التوبة مفتوح، لا يُغلَق في وجه أحد؛ حتى تطلع الشمس من مغربها.
فعلى من أذنب أن يبادر بالتوبة، لا أن يستجير من الرمضاء بالنار، ويفرّ من ذنب إلى ما هو أعظم منه وأشد قبحًا.
والله أعلم.