الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعدم الإملاء معناه تعجيل العقوبة، والدعاء بتعجيل العقوبة العادلة لمن يستحقها، لا نعلم مانعا منه، ولا سيما إذا قصد الداعي مقصدا معتبرا، كالزجر عن الظلم، وأن يكون في ذلك عبرة، أو حَمَلَ الداعي على ذلك بغضه للظلم وأهله.
جاء في كتاب (شعب الإيمان) للبيهقي: إن دعا كما دعا نوح عليه السلام، فقال: {رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا} جاز، وإنما يبعثه عليه بغض أعداء الله. اهـ.
وقد جاء النص على حكمة هذا الدعاء، في قول نوح -عليه السلام-: إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً {نوح: 27}.
وقد دعا موسى -عليه السلام- فقال: رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ {يونس:88}.
وعن ابن مسعود: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا قريشا إلى الإسلام، فأبطؤوا عليه، فقال: اللهم أَعِنِّي عليهم بسبع كسبع يوسف. فأخذتهم سنة فحصَّت كل شيء، حتى أكلوا الميتة والجلود، حتى جعل الرجل يرى بينه وبين السماء دخانا من الجوع. رواه البخاري ومسلم.
ومن دعائه أيضا صلى الله عليه وسلم: اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها سنين كسني يوسف. رواه البخاري ومسلم.
وانظر للفائدة، الفتوى: 353881.
والله أعلم.