الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلو فُرضَ أن الميت لم يترك من الورثة إلا من ذكر، فإن لأمّه الثلث؛ لعدم وجود فرع وارث، ولا جمع من الإخوة، قال الله تعالى: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ {النساء:11}.
ولأخته الشقيقة النصف فرضًا؛ لقول الله تعالى في آية الكلالة: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ {النساء:176}.
ولا شيء للجدّة؛ لأنها محجوبة بأمّ الميت حجب حرمان، قال ابن المنذر: وأجمعوا على أن الأمّ تحجب أُمّها، وأُمّ الأب. اهــ. وقال أيضًا: وأجمعوا على أن الأمّ تحجب الجدّات. اهــ.
والباقي بعد ثلث الأمّ ونصف الأخت، يكون للأعمام، إن كانوا جميعًا أعمامًا أشقاء لأبي الميت، أو جميعًا أعمامًا من الأب.
وأما إن كانوا خليطًا -بعضهم شقيق، وبعضهم من الأب-؛ فالباقي للأعمام الأشقّاء دون الأعمام من الأب.
وإن وجد منهم من هو عمّ من الأم، فإنه لا شيء له؛ لأن العمّ من الأمّ ليس من الورثة.
أما العمّتان، فليستا من الورثة.
ونؤكد أن أمر التركات أمر خطير جدًا وشائك للغاية، والورثة من الرجال خمسة عشر، ومن النساء عشر -كما ذكرنا-، ولا يمكن قسمة التركة إلا بعد حصرهم بشكل صحيح واضح، لا غموض فيه، ومن ثم؛ فالأحوط أن لا يُكتفَى بهذا الجواب الذي ذكرناه، وأن تُرفَع المسألة للمحاكم الشرعية، أو يُشافَه بها أحد أهل العلم بها؛ حتى يتم التحقّق من الورثة؛ فقد يكون هناك وارث لا يطّلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا، أو ديون، أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حقّ الورثة في المال، فلا ينبغي -إذن- قسم التركة دون مراجعة القضاء، تحقيقًا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.