الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن للجار منزلة كبرى في الإسلام، بل وصل الأمر إلى أن الوصية به أخذت صوراً شتى:
فمنها: في حديث ابن عمر: ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه. متفق عليه.
ومنها: حديث أبي هريرة: والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن... من لا يأمن جاره بوائقه. متفق عليه.
ومنها: عنه أيضاً من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره. ولمسلم: فليحسن إلى جاره. ولأحمد: فليكرم جاره.
ومنها: ما رواه أبو داود عن أبي هريرة: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو جاره، فقال: اذهب فاصبر، فأتاه مرتين أو ثلاثاً، فقال: اذهب فاطرح متاعه في الطريق، فطرح متاعه في الطريق، فجعل الناس يسألونه فيخبرهم خبره، فجعل الناس يلعنونه: فعل الله به وفعل، فجاء إليه جاره، فقال له: ارجع لا ترى مني شيئاً تكرهه.
بل حتى مع الجار الكافر كما عند الترمذي: عن عبد الله بن عمرو أنه ذبح شاة فقال: أهديتم لجارنا اليهودي؟ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما زال جبريل بالجار حتى ظننت أنه سيورثه.
وما للجار على جاره شيء كثير، منه الواجب ومنه المستحب، ومن ذلك:
حفظ حرمته حال غيبته وحضوره، وبدؤه بالسلام، وعيادته إذا مرض ونصحه وتعزيته عند المصيبة ومشاركته في فرحه، ومواساته وقت الحاجة.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من حق الجار أن تبسط إليه معروفك، وتكـف عنه أذاك، ومن ذلك الإكرام والإفضال، كما قال صلى الله عليه وسلم: فليكرم جاره.
قال صلى الله عليه وسلم: يا نساء المؤمنات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة. إلى غير ذلك من صور الإحسان إلى الجار.
والله أعلم.