الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي السائل أولا أن الفصل في قضايا المنازعات محلُّهُ المحاكمُ الشرعية، أو من ينوب منابها، وذلك لأنها الأقدر على السماع من أطراف النزاع، وإدراك حقيقة الدعاوى والبينات والدُّفُوع، ثم إصدار الحكم المؤسس على ذلك، ولا يتسنى ذلك للمفتي، وليست الفتوى كالحكم.
ولكن ما سنذكره هنا إنما هو على سبيل العموم والإرشاد والتوجيه، فنقول: لو ثبت أن خالك ظلم أمك، أو جدتك؛ فإن حقهما لا يسقط بالتقادم، ولهما الحق في المطالبة به كاملا، وترفع القضية إلى المحكمة؛ كما ذكرنا.
وعاقبة الظلم وخيمة، والظلم في الأرض جاء فيه الوعيد الشديد، ففي الحديث المتفق عليه عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَكَانَتْ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُنَاسٍ خُصُومَةٌ فِي أَرْضٍ، فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَذَكَرَ لَهَا ذَلِكَ، فَقَالَتْ: يَا أَبَا سَلَمَةَ، اجْتَنِبِ الأَرْضَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ. وفي حديث علي -رضي الله عنه- في صحيح مسلم مرفوعا: لَعَنَ اللهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الْأَرْضِ.
قال ملا القاري في مرقاة المفاتيح: مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الْأَرْضِ أَيْ: رَفَعَهَا وَجَعَلَهَا فِي أَرْضِهِ وَرَفَعَهَا لِيَقْتَطِعَ شَيْئًا مِنْ أَرْضِ الْجَارِ إِلَى جَارِهِ. اهــ.
والله أعلم.