الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فحسب ما وقفنا عليه أن هذه الطريقة المعروفة بصبغ فروة الرأس المجهري، تقوم على حقن الأصباغ تحت الجلد، وليست صبغا لظاهر الجلد -كالحناء أو نحوه-، وإذا كان الامر كذلك: فالذي يظهر لنا أن لها حكم الوشم -ولو كان غير دائم-، والوشم محرم عند جماهير العلماء من حيث الأصل، وانظر الفتاوى: 337846 - 159763 - 126558.
وأما استعمال هذه الطريقة لإزالة العيب والتشوية غير المعتاد لا لزيادة الحسن: فالظاهر جوازه. فالنهي عن الوشم محله إذا ما كان لمجرد طلب الحسن، فقد جاء في حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: لعن الله الواشمات والمستوشمات، والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله تعالى. ما لي لا ألعن من لعن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو في كتاب الله: {وما آتاكم الرسول فخذوه}. متفق عليه.
جاء في لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح للدِّهلوي الحنفي: قوله: (للحسن) متعلق بالمتفلجات خاصة، ويحتمل أن يتعلق بالأفعال المذكورة كلها يكون لإظهار الحسن، وهذا المعنى أقرب وأوجه نظرا إلى المعنى .اهـ.
وفي سنن أبي داود: لُعِنَتِ الْوَاصِلَةُ، وَالْمُسْتَوْصِلَةُ، وَالنَّامِصَةُ، وَالْمُتَنَمِّصَةُ، وَالْوَاشِمَةُ، وَالْمُسْتَوْشِمَةُ، مِنْ غَيْرِ دَاءٍ. صححه الألباني.
جاء في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح في شرحه لهذا الحديث: (مِنْ غَيْرِ دَاءٍ): مُتَعَلِّقٍ بِالْوَشْمِ. قَالَ الْمُظْهِرُ: إِنِ احْتَاجَتْ إِلَى الْوَشْمِ لِلْمُدَاوَاةِ جَازَ، وَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ أَثَرٌ. اهـ.
وجاء في الفواكه الدواني للنفراوي المالكي: ........ قالَ بَعْضٌ: وينبغي أن محل حرمة الوشم حيث لا يتعين طريقا لمرض وإلا جاز، لأن الضرورات قد تبيح المحظورات في زمن الاختيار فكيف بالمختلف فيه؟. اهـ.
ثم إن هذه الطريقة أخف وأيسر -كما هو ظاهر- من العمليات الجراحية المقرر جواز إجرائها لإزالة العيوب والتشوهات، كما في الفتوى: 320704.
لكن ينبغي التنبه إلى توسع بعض الناس في مجاراة الأهواء، واعتبار كل ما لا يعجبهم من أجسادهم عيبا وتشويها، والأمر ليس كذلك.
والله أعلم.