الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالدعاء المذكور إذا لم يكن المقصود به دعاء يوسف -عليه السلام-: تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ {يوسف:101}؛ فهو دعاء بالموت، وهو دعاء منهيٌّ عنه؛ ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يتَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ، وَلَا يَدْعُ بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُ، إِنَّهُ إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ، وَإِنَّهُ لَا يَزِيدُ الْمُؤْمِنَ عُمْرُهُ إِلَّا خَيْرًا.
وقد ذكر الفقهاء أن تمنّي الموت مكروه، إلا إذا خاف على دِينه من الفتنة، قال البهوتي -الحنبلي- في كشاف القناع: وَيُكْرَهُ تَمَنِّي الْمَوْتِ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَنْزِلْ بِهِ ضَرٌّ ... وَلَا يُكْرَهُ تَمَنِّي الْمَوْتِ "لِضَرَرٍ بِدِينِهِ، وَخَوْفِ فِتْنَةٍ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَإِذَا أَرَدْت بِعِبَادِك فِتْنَةً، فَاقْبِضْنِي إلَيْك غَيْرَ مَفْتُونٍ».
وَتَمَنِّي الشَّهَادَةِ لَيْسَ مِنْ تَمَنِّي الْمَوْتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ. ذَكَرَهُ فِي الْهَدْيِ، بَلْ مُسْتَحَبٌّ، لَا سِيَّمَا عِنْدَ حُضُورِ أَسْبَابِهَا؛ لِمَا فِي الصَّحِيحِ: «مَنْ تَمَنَّى الشَّهَادَةَ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ؛ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ». اهــ مختصرًا.
وأما هل سيُقبل دعاؤك أم لا؟ فهذا من علم الغيب الذي لا يمكن للخَلْق أن يطّلعوا عليه، وانظر الفتوى: 401512.
والله أعلم.