الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما فعله السائل يدخل في تصرف الفضوليّ، وهو محل خلاف بين أهل العلم -سواءً في نفاذه إذا رضي المالك، أم في حكمه التكليفيّ من حيث الجواز والحرمة-، جاء في تهذيب الفروق للقرافي، وهو يعدد شروط البيع: الشرط الخامس: أن يكون الثمن والمبيع مملوكين للعاقد والمعقود له، أو من أقيما مقامه، شرط في الجواز واللزوم معًا، دون الصحة؛ لأن بيع الفضوليّ، وشراءه، وإن كان صحيحًا... إلا أنه محرّم على المشهور، وغير لازم، يتوقّف لزومه على رضا المالك. اهـ.
وجاء في حاشية العدوي على شرح الخرشي لمختصر خليل: بيع الفضولي بلا مصلحة لربِّه حرام، وإن باعه خوف تلفه، أو ضياعه؛ فغير حرام، بل ربما كان مندوبًا. اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية: الفقهاء الذين يرون أن بيع الفضوليّ باطلٌ، مقتضى مذهبهم حرمة الإقدام على بيع الفضوليّ؛ لأنه تسبّب للمعاملات الباطلة.
أما مَن رأى صحّته - وهم الحنفية، والمالكية -، فقد صرّح المالكية بأن بيع الفضوليّ بلا مصلحة للمالك حرام، أما إن باع للمصلحة -كخوف تلف، أو ضياع-، فغير حرام، بل ربما كان مندوبًا، ولم نجد للحنفية تصريحًا بالحكم التكليفيّ. اهـ. وانظر الفتوى: 41571.
والذي يظهر لنا أن تصرف الفضوليّ لا يأثم فاعله، إذا كان مقصوده مراعاة مصلحة المالك، وغلب على ظنّه رضا المالك بتصرّفه.
وعلى ذلك؛ فالسائل - وإن أساء التصرّف - لا يحكم عليه بالإثم، وارتكاب الحرام، إن كان تصرّفه، ورَدُّه لهذه السلعة مراعاة لمصلحة صاحبه، كما يظهر من قوله: (فوجدت أن خامة سلعته رديئة).
وقد كان الأفضل - على أية حال - أن يخبر صاحبه بما يراه، ويستأذنه قبل التصرّف، وإذا أمضى تصرّفك بردّ السلعة؛ فتصرّفك ماضٍ، وإلا فله الامتناع من قبول ذلك التصرّف، قال البابرتي في كتابه: العناية شرح الهداية: مَن باع ملك غيره بغير إذنه، فالمالك بالخيار: إن شاء أجاز البيع، وإن شاء فسخ. انتهى.
والله أعلم.