الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأما الريق فلا يؤثر ابتلاعه على صحة الصوم، ولا يطالب المرء بإخراجه، لكن لو أخرجه الصائم من فمه وطرحه؛ فلا حرج عليه في ذلك، وإنما نصّ العلماء على كراهة جمعه في الفم، ثم بلعه، قال النووي في المجموع: ابْتِلَاعُ الرِّيقِ لَا يُفْطِرُ بِالْإِجْمَاعِ، إذَا كَانَ عَلَى الْعَادَةِ؛ لِأَنَّهُ يَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: وما لا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ منه -كابْتِلَاعِ الرِّيقِ- لا يُفَطِّرُه؛ لأنَّ اتِّقَاءَ ذلك يَشُقُّ؛ فأشْبَه غُبَارَ الطَّرِيقِ، وغَرْبَلَةَ الدَّقِيقِ. انتهى.
وأما بقايا الطعام التي تكون بالفم، ففي حكمها بالنسبة للصائم تفصيل، بيَّنَهُ ابن قدامة في المغني قائلًا: ومَنْ أصْبَحَ بين أسْنانِه طَعامٌ؛ لم يَخْلُ من حالَيْنِ:
أحدُهما: أن يكونَ يَسِيرًا لا يُمْكِنهُ لَفْظُهُ، فَازْدَرَدَهُ؛ فإنه لا يُفْطِرُ به؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ منه، فأشْبَه الرِّيقَ. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ على ذلك أهْلُ العِلْمِ.
الثاني: أن يكونَ كَثِيرًا يُمْكِنُه لَفْظُه؛ فإنْ لَفَظَه؛ فلا شيءَ عليه، وإن ازْدَرَدَه عَامِدًا؛ فَسَدَ صَوْمُه في قَوْلِ أكْثَر أهْلِ العِلْمِ. انتهى.
والله أعلم.