الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا خلاف العلماء في أقل ما تدرك به الجماعة في الفتوى: 257722، فانظرها.
وإذا سلم الإمام لم يكن من أدركه بعد سلامه مدركا للجماعة، ولو سجد للسهو بعد السلام، ومن ثم، نص الحنابلة على أنه لا يقتدى بالإمام في هذه الحال، ولا تنعقد صلاة من اقتدى به ـ والحال هذه ـ لأنه لم يعد في صلاة، قال البهوتي في شرح الإقناع: وَإِنْ أَدْرَكَهُ الْمَسْبُوقُ فِي سُجُودِ سَهْوٍ بَعْدَ السَّلَامِ، لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِن الصَّلَاةِ، وَلَمْ يَعُدْ إلَيْهَا بِهِ، حَتَّى لَوْ أَحْدَثَ فِيهِ، لَمْ تَبْطُلْ، فَإِنْ فَعَلَ ـ أَيْ دَخَلَ مَعَهُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ ـ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ، لِمَا مَرَّ. انتهى.
واختلف المالكية في انعقاد الصلاة لمن أدرك الإمام في السجود البعدي، قال الحطاب في مواهب الجليل: اختلف الشيوخ فيمن أدرك من صلاة الإمام السجود البعدي، فأحرم، وجلس معه حتى سلم، ثم قام للقضاء، فهل تصح صلاته أم لا؟ قيل: لا تصح، لقولها هنا ليستا من الصلاة، فقد أدخل في الصلاة ما ليس منها، وقيل: يصح، لقوله قبلها: ولو قدمه صحت، ولو كان من غيرها بطلت، قلت: ونحو هذا الخلاف ما في سماع عيسى: لو لم يدرك المسبوق شيئاً، وتبعه في البعدي جهلاً، ثم قام للقضاء، صحت عند ابن القاسم، رعياً لقول سفيان: وبطلت عند عيسى بن رشد، هذا هو القياس على أصل المذهب، لأنه أدخل في الصلاة ما ليس منها. انتهى.
وإذا علمت هذا، فالذي ينبغي لمن أدرك الإمام، وقد سلم من الصلاة أن لا يأتم به، ولو في سجود السهو البعدي، لما مر بك.
والله أعلم.