الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالصفرة نجسة كما بينا ذلك في الفتوى: 178713، وإذا كانت متصلة بالحيض فهي حيض، وإذا رأيت الطهر ثم رأيتها بعد ذلك، فلا تعديها حيضا، وانظري الفتوى: 134502.
وإن كنت ترين الدم خمسة عشر يوما، ثم ترين صفرة متصلة به، فتلك الصفرة ليست حيضا؛ لأنها في زمن لا يمكن اعتباره حيضا، بل أنت -والحال هذه- مستحاضة؛ لأن مدة الدم وما اتصل به من صفرة وكدرة قد تجاوزت خمسة عشر يوما، فإن كانت لك عادة سابقة، فاعملي بها، وإلا فاعملي بالتمييز على ما هو مبين في الفتوى: 156433.
وفي الزمن الذي يعد استحاضة، ومنه زمن الصفرة المتصلة المستمرة جميع الشهر؛ سواء رأيت قبلها طهرا، أو لم تري؛ فإنك تتوضئين لكل صلاة عند الجمهور، وعند المالكية لا ينتقض وضوؤك إلا بالناقض المعتاد، ولا تنقضه تلك الصفرة، ولك أن تعملي بهذا القول؛ لأنه قوي، وأنت -كما ذكرت- موسوسة، وانظري الفتوى: 141250.
وأما التحفظ منها، والاستنجاء من خروجها؛ فإن المالكية يسهلون في هذا الأمر، ولا يوجبون شيئا من ذلك، ولك أن تعملي بمذهبهم ما دمت موسوسة، وانظري الفتوى: 75637.
وبما قررناه يرتفع الإشكال، ويزول الحرج، نعني بعملك بقول المالكية، فلا يلزمك الاستنجاء، ولا التحفظ منها، ولا تنقض وضوءك، وإنما ينقضه الخارج المعتاد.
وإنما أرشدناك لهذا القول لسهولته عليك، وكونك موسوسة، وقد بينا أن الموسوس يعمل بأيسر الأقوال؛ كما في الفتوى: 181305.
وأما سؤالك الثاني؛ فناشئ عن الوسواس، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الوسخ الناشئ عن البدن لا يضر وجوده، ولا يعد حائلا، ومن ثم فغسلك صحيح، وعليك أن تدعي هذه الوساوس، ولا تسترسلي معها.
والله أعلم.