الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أجمع أهل العلم على أنه لا يصوم أحد عن أحد في حياته، وأنه لو صام عنه ما أجزأه ولا أسقط عنه الواجب، قال الإمام النووي -رحمه الله- في شرحه على مسلم: وقال القاضي وأصحابنا أجمعوا على أنه لا يصلي عنه -أي الميت- صلاة فائتة وعلى أنه لا يصام عن أحد في حياته وإنما الخلاف في الميت.
وقال زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: ولا يصح الصوم عن حي بلا خلاف معذوراً كان أو غيره، واختلفوا في الصوم عن الميت على ثلاثة أقوال...، مبينة في الفتوى رقم: 18276.
واختلف العلماء أيضاً في وصول ثواب من صلى أو صام وأهدى ثواب ذلك لغيره حياً أو ميتاً، فذهب جمهور أهل العلم إلى عدم جواز إهداء ثوابهما وعدم وصول ثوابه، وذهب الحنفية والحنابلة إلى صحة ذلك وانتفاع المهدى له بالثواب حياً كان أو ميتاً، قال الزيلعي في تبيين الحقائق تحت باب الحج عن الغير: الأصل في هذا الباب أن الإنسان له أن يجعل ثواب عمله لغيره عند أهل السنة والجماعة صلاة كان أو صوماً أو حجاً أو قراءة قرآن أو أذكار إلى غير ذلك من جميع أنواع البر ويصل ذلك إلى الميت وينفعه.
وقال الكاساني: من صام أو صلى أو تصدق وجعل ثوابه لغيره من الأموات والأحياء جاز، ويصل ثوابه إليهم عند أهل السنة والجماعة، وعلى هذا القول يجوز أن يصوم شخص صيام تطوع ويهدي ثوابه لآخر، ويصل ثوابه إليه.
لكن لم يكن من عادة السلف ولا من طريقتهم إهداء ثواب أعمالهم للغير، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بعد أن ذكر جواز إهداء ثواب الأعمال، قال: ومع هذا فلم يكن من عادة السلف إذا صلوا تطوعاً وصاموا وحجوا أو قرأوا القرآن يهدون ثواب ذلك لموتاهم ولا لخصوصهم بل كان عادتهم، كما تقدم، فلا ينبغي للناس أن يعدلوا عن طريق السلف فإنه أفضل وأكمل. انتهى.
والله أعلم.