الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يجب عليك شرعًا تفريغ تلك المحاضرات، وتقديمها للطلاب.
ولا تأثم بحذف ما كتبته منها، ولكن هذا من باب فعل الخير، والشرع جاء بالترغيب فيه، والحثّ عليه، وقد بَوَّب الإمام النووي في رياض الصالحين بابًا، فقال: باب قضاء حوائج المسلمين، وذكر في أوله قول الله تعالى: وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الحج:77].
وفي صحيح مسلم، وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ؛ فَلْيَفْعَلْ. وفي سنن ابن ماجه من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ، مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ، وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ، مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ.
فلا تغلق على نفسك -أخي السائل- باب خير فتحه الله لك، وابذل المعروف إلى الناس ما استطعت، ولا تطلب منهم عليه أجرًا، ولا دعاء؛ فإن الإخلاص أن يبذل العبد المعروف، ولا يطلب ثوابه إلا من الله، كما في قول الله تعالى: إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا {الإنسان:9}، قال ابن كثير في تفسيره: جَزاءً وَلا شُكُورًا، أي: لا نطلب منكم مجازاة تكافئوننا بِهَا، وَلَا أَنْ تَشْكُرُونَا عِنْدَ النَّاسِ. اهــ.
وانظر الفتوى: 122053 عن طلب الدعاء من الغير، وراجع للفائدة الفتويين: 70218، 446446.
والله أعلم.