الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالغيرة خلق محمود، إذا لم يجاوز حدّ الاعتدال.
أمّا إذا جاوز حدّ الاعتدال؛ فهو مذموم؛ ففي سنن أبي داود عن جابر بن عتيك، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: من الغيرة ما يحب الله، ومنها ما يبغض الله: فأما التي يحبها الله عز وجل، فالغيرة في الريبة، وأما التي يبغضها، فالغيرة في غير ريبة..
جاء في عون المعبود: نحو أن يغتار الرجل على محارمه، إذا رأى منهم فعلًا محرمًا. انتهى.
وفي حاشية السندي على سنن ابن ماجه: قوله: (فالغيرة في الريبة) أي: في مظنة الفساد، أي: إذا ظهرت أمارات الفساد في محل؛ فالقيام بمقتضى الغيرة محمود.
وأما إذا قام بدون ظهور شيء؛ فالقيام به مذموم؛ لما فيه من اتهام المسلمين بالسوء من غير وجه. انتهى.
وفي غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب: والمحمود من الغيرة: صون المرأة عن اختلاطها بالرجال. انتهى.
وعليه؛ فالغيرة المطلوبة تحمل على المنع من مواطن الريبة، وسدّ أبواب الفتنة والفساد.
وأمّا الدياثة -والعياذ بالله- فهي عدم الغيرة على الأهل، والمحارم، والديوث هو الذي يقرّ الفاحشة في أهله. وانظر الفتوى: 49407.
والله أعلم.