الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرًا على سعيك في سبيل الاستقامة على طاعة الله سبحانه، والتقرّب إليه بالأعمال الصالحة، وأن تكوني زوجة صالحة، ونسأله -تعالى- أن يحقق لك ذلك.
ونوصيك بكثرة الدعاء؛ فالخير بيده سبحانه، وهو قد أمر عباده بسؤاله حاجاتهم، ووعدهم بالإجابة، قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}.
ودراسة العلوم الأكاديمية -كالطب، والهندسة، ونحوها- لا بأس بأن يكون مقصد المسلم منها الحصول على وظيفة.
وإذا قصد مع ذلك نفع الأمة؛ فإنه يؤجر على ذلك؛ لأن العمل المباح يصير بالنية الصالحة قربة، يؤجر عليها المسلم، كما في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي ذر -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "وفي بضع أحدكم صدقة". قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته، ويكون له فيها أجر. قال: «أرأيتم لو وضعها في حرام، أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال، كان له أجر».
قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: وفي هذا دليل على أن المباحات تصير طاعات بالنيات الصادقات. اهـ.
وقرار المرأة في بيتها أفضل، ولكن لا مانع شرعًا من خروجها لحاجتها -من العمل، أو غيره-، إذا انضبطت بالضوابط الشرعية -كالستر، والحجاب-، وإذن زوجها، إن كانت ذات زوج، ونحو ذلك من الضوابط، وراجعي للمزيد فتوانا: 105835.
ومهما أمكنك أن تحققي رغبة أمّك في إكمالك الدراسة، وحصولك على وظيفة؛ فافعلي.
والمرأة كالرجل تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، قال تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ{التوبة:71}؛ فهي تنكر على المرأة، وعلى الرجل، وعلى الأجنبي، وعلى المحرم، ولكن تلتزم الضوابط الشرعية في ذلك، ومنها: كون الكلام مع الأجنبي بقدر الحاجة، ومن غير لين في القول، ونحو ذلك.
ومما يجدر التنبيه عليه هنا هو أنه مع شيوع المنكرات، وانتشارها؛ فلا يلزم المسلم إذا خرج لأماكن العامة أن ينكر كل ما يرى من منكر، قال الشيخ ابن عثيمين في اللقاء الشهري: لا يمكن للإنسان أن ينكر كلما يشاهده في السوق مع كثرة المنكرات، لو أنه فعل ذلك ما خطا خطوةً أو خطوتين؛ لأنه سيجد من حلق لحيته، وسيجد من يشرب الدخان، وسيجد امرأة متبرجة، وسيجد رجلًا أسبل ثيابه، يقف مع كل واحد؟!
مشكلة، هذا لا يجب، وربما يكون أضحوكةً للناس إذا فعل هذا، لكن من الممكن من حين لآخر أن يمسك رجلًا يرى أنه أقرب للقبول، ويسرّ إليه بأن هذا العمل الذي أنت تعمله حرام ولا يجوز، وقد قال الله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286]، وقال: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]. اهـ.
فهوّني على نفسك، ولا داعي لكل هذا القلق الذي قد تكون عواقبه وخيمة.
ونوصيك بالحرص على صحبة الصالحات من النساء -سواء كنّ في مكان الدراسة، أم في غيرها-؛ ليكنّ عونًا لك على الاستقامة، والبر، والتقوى.
روى ابن أبي الدنيا في كتاب: "الإخوان" عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: عليك بإخوان الصدق، فعش في أكنافهم؛ فإنهم زين في الرخاء، وعدة في البلاء.
وهذا مطلوب من المرأة، كما أنه مطلوب من الرجل.
والله أعلم.