الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فحقّ الوالدين عظيم، والواجب معاملتهما بالأدب، والرفق، والتوقير، قال القرطبي -رحمه الله- في تفسير قوله تعالى: وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا {الإسراء:23}: فينبغي بحكم هذه الآية أن يجعل الإنسان نفسه مع أبويه في خير ذلة في أقواله، وسكناته، ونظره. انتهى.
ومن تمام الأدب ألا يتقدّم الولد على والده في المشي، إلا إذا كان ذلك لمصلحة الوالد، قال ابن قتيبة -رحمه الله- في عيون الأخبار: قيل لعمر بن ذرّ: كيف كان برّ ابنك بك؟ قال: ما مشيت نهارًا قط إلا مشى خلفي، ولا ليلًا إلا مشى أمامي، ولا رقي سطحًا وأنا تحته. انتهى.
وطاعة الوالدين واجبة فيما ينفعهما، ولا يضرّ ولدهما، ما دام الأمر في حدود الشرع، والعُرف، وراجع الفتويين: 76303، 272299.
لكن لا تجوز مجادلة الوالدين على وجه يغضبهما، ففي كتاب بر الوالدين لابن الجوزي -رحمه الله- قوله: وقال يزيد بن أبي حبيب: (إيجاب الحجة على الوالدين عقوق)، يعني الانتصار عليهما في الكلام. انتهى.
وأمّا المجادلة بالحسنى، إذا كانت لمصلحة، ولم تغضبهما؛ فهي جائزة.
وإذا عرفت ذلك؛ فاحرص على برّ أمّك، والإحسان إليها.
وإذا كنت تقول: إنّ في أسئلتك وسوسة؛ فليس من مصلحتك أن نجاريك في الوسوسة بالجواب عن كل تفاصيل السؤال.
وعليك أن تعرض عن الوساوس، ولا تلتفت إليها.
والله أعلم.