الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله -تعالى- أن يكسبك رضا أمك عنك، وكل ما تبتغين منها مما ذكرت من رؤية الفخر بك في عينها وحبها لك.
ونوصيك بكثرة الدعاء، فقلبها بيد الله -عز وجل- يقلبه كيف يشاء.
وحرصك على برها -أيضا- يمكن أن يعينك في هذا السبيل، ونيل توفيق الله لك فيما تبتغين، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق3:2}.
وإن كانت على ما ذكرت من كونها لا تلتفت إلى ما تقومين به تجاهها من المعروف، ويعظم عندها التقصير.
فنرجو أن تلتمسي لها العذر، فربما تكون كبيرة السن أو نحو ذلك، وقد حث الشرع على البر بالوالدين وخاصة عند الكبر، قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا {الإسراء:23}.
وإن كنت تشيرين إلى أنها تعاملك معاملة أقسى على وجه الخصوص، فهذا أمر غريب، فالتمسي ما يمكن أن يكون السبب لذلك والعمل على معالجته، فربما يكون بسبب تقصير وقع منك تجاهها، أو تصرف أساءت فهمه، فتعتذرين لها، أو تبينين لها قصدك.
ولا تقصري في حقها وإن قصرت، فإساءة الأم لا تقابل بمثلها، ولا يجوز أن يحملك كرهك لتصرفاتها السيئة إلى مثل هذا التقصير، فمن حقها عليك البر بها وإن أساءت، كما بينا في الفتوى: 24850، والفتوى: 435385.
ودعاؤها عليك إن لم يكن بوجه حق، فنرجو أن لا يستجاب لها هذا الدعاء؛ لأنه دعاء بإثم.
ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي لله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم، أو قطيعة رحم.
ومن أهل العلم من ذهب إلى أن دعاء الأم قد يستجاب ولو كان بغير وجه حق، مستدلا بقصة جريج الراهب.
ولذلك ينبغي الحذر من استفزاز الأم؛ لئلا يترتب على ذلك دعاؤها على ولدها.
والله أعلم.