الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما دام أن أمّكم لم تصرّح بهبة ذلك المال لكما؛ فإنه مالها، ويدفع لها، هذا بالنسبة لأصل المال.
وأما الربح: فإن كنتما أخذتماه قرضًا منها، فإن الربح لكما، وإن أخذتماه لا على سبيل القرض وإنما للتجارة فيه، متبرعين -أي: تاجرتما فيه، ولا تريدان من الربح شيئًا-، فليس لكما شيء من الربح، والربح لها.
وإن كنتما غير متبرعين، فلكم من الربح ما اتفقتم عليه ابتداء عند بداية التجارة، وهذه مضاربة.
فإن لم تتفقوا على شيء؛ فالمضاربة فاسدة، وقد بينا في فتاوى سابقة أن المضاربة إذا فسدت، كان الربح لصاحب المال، وللعامل أجرة المثل، كما في الفتوى: 420991 عن المضاربة التي يكون فيها الربح مجهولًا؛ فيكون هنا الربح كله لأمّكم، إن كان ثم ربحٌ، ولكم أجرة المثل، بغض النظر هل حصل ربح أم خسارة، جاء في الموسوعة الفقهية عما يترتب على المضاربة الفاسدة:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى فَسَادِ الْمُضَارَبَةِ:
أ- أَنَّ الرِّبْحَ -إِنْ حَدَثَ- يَكُونُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْمَال؛ لأِنَّ الرِّبْحَ نَمَاءُ مَالِهِ، وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْمُضَارِبُ شَطْرًا مِنْهُ بِالشَّرْطِ، وَلَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ؛ لأِنَّ الْمُضَارَبَةَ إِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الشَّرْطُ، فَلَمْ يَسْتَحِقَّ الْمُضَارِبُ مِنَ الرِّبْحِ شَيْئًا، وَكَانَ كُلُّهُ لِرَبِّ الْمَال.
ب- أَنَّ الْمُضَارِبَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ -خَسِرَ الْمَال أَوْ رَبِحَ- لأِنَّ عَمَلَهُ إِنَّمَا كَانَ فِي مُقَابَلَةِ الْمُسَمَّى، فَإِذَا لَمْ تَصِحَّ التَّسْمِيَةُ، وَجَبَ رَدُّ عَمَلِهِ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ؛ فَوَجَبَ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْل، وَلأِنَّ الْمُضَارَبَةَ الْفَاسِدَةَ فِي مَعْنَى الإْجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، وَالأْجِيرُ لاَ يَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى فِي الإْجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ أَجْرَ الْمِثْل. اهــ.
وفي كل الأحوال؛ فإن نصيب أخيك من الربح ــ أو من أجرة المثل ــ يقسم بعد وفاته بين ورثته القسمة الشرعية، ولا حق لك أنت فيه، ما لم تكن وارثًا.
والله أعلم.