الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمثل هذه التخصصات: النحو والصرف، والإعلام والاتصال والحضارة، ليست من العلوم الشرعية التي يحرم تعلمها لغير وجه الله، ولذلك يشترك في تعلمها وتعليمها المسلم وغير المسلم.
وإنما المقصود بذلك: العلوم الدينية الشرعية، التي ينال طالبها فضيلة طلب العلم، وراجع في ذلك الفتوى: 130606.
فالعلوم تنقسم إلى علوم شرعية مأخوذة من الدين والوحي، ويراد بها وجه الله والدار الآخرة، وأخرى إنما هي من علوم الناس ووضعهم، ولا حرج في طلبها لأجل الدنيا، وانظر الفتوى: 140778.
ولذلك قيد العلم في حديث: مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنْ الدُّنْيَا، لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. رواه أبو داود، وابن ماجه وأحمد، وصححه الألباني. بقوله: "مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ".
قال ابن رسلان في شرح سنن أبي داود: أي: صلاح دين الله من العلوم الظاهرة أو الباطنة -يعني علم أحوال القلب وعلاجه والعلم بالأعمال الظاهرة - .. واحترز به عن العلوم التي لا يبتغى بها صلاح قوام الدين، بل صلاح قوام هذا العالم الظاهر وانتظام أمره، كعلوم الفلاحة والتجارة والبيطرة والحياكة، وغير ذلك من علوم الحرف والصناعات، فإن من تعلمها لطلب عرض الدنيا لا يدخل في هذا الوعيد العظيم .. قوله: "لا يتعلمه" هذا العلم الذي هو موضوع للعبادة الدينية. اهـ.
وقال ابن علان في «دليل الفالحين»: احتراز عن العلوم التي ليست كذلك؛ لعدم وجوبها كعلم العروض، أو لتحريمها كعلم السحر. اهـ.
وقال السندي في حاشيته على سنن ابن ماجه: أي العلم الذي يطلب به رضا الله وهو العلم الديني، فلو طلب الدنيا بعلم الفلسفة ونحوه فهو غير داخل في أهل هذا الوعيد. اهـ.
وهنا ننبه على أن الوعيد المذكور في الحديث إنما يتناول من لا يقصد بالعلم إلا الدنيا، وأما من طلب بعلمه رضا المولى، ومع ذلك له ميل ما إلى عرض الدنيا، فخارج عن هذا الوعيد، وراجع في ذلك الفتوى: 110379.
والله أعلم.