الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالسنة أن يجهر الإمام بتكبيرة الإحرام، وتكبيرات الانتقال، وبالتسليم؛ ليقتدي به من خلفه، وكذلك المسمع إن وجد.
وأما المأموم والفذ؛ فلا يجهران بشيء من ذلك؛ لعدم الحاجة إليه، خاصة المأموم؛ لأن جهره يشوش على من حوله.
قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: يستحب للإمام الجهر بالتكبير كله، ويكره لغيره الجهر من غير حاجة، فإن كان ثم حاجة لا يكره. انتهى.
وقال الشربيني الشافعي في مغني المحتاج: اتفقوا على جهره بالتكبير والسلام، أي الإمام أو المبلغ لا غيرهما. انتهى.
وذهب المالكية إلى أن المأموم يجهر بالسلام، وتكبيرة الإحرام فقط، ويُسِرُّ فيما عدا ذلك.
قال الخرشي في شرحه على خليل: يسن جهر المصلي إماما أو مأموما بتسليمة التحليل؛ ليعلم خروجه من الصلاة؛ لئلا يقتدى به.. إلى أن قال: وأما الجهر بتكبيرة الإحرام؛ فهو مندوب، وأما غيرها من التكبيرات؛ فيندب للإمام دون المأموم، فالأفضل له السر، والفذ مثله. انتهى.
وأما الجهر أو الإسرار في النوافل، ففيه سعة من حيث الإجمال.
وأما من حيث التفصيل: فالجمهور على أن ما كان منها في الليل؛ فالأفضل الجهر فيه: راتبة كانت أو غيرها. وما كان منها في النهار؛ فالأفضل الإسرار فيه.
قال بدر الدين العيني في بالبناية: التطوع بالليل يخير المتطوع بين الجهر والإخفاء، ولكن الجهر أفضل. انتهى.
وقال ابن أبي زيد القيراوني في الرسالة: وكذلك يستحب في نوافل الليل الإجهار، وفي نوافل النهار الإسرار، وإن جهر في النهار في تنفله فواسع. انتهى.
وخالف الشافعية في شأن الرواتب، وذهبوا إلى القول بالإسرار فيها جميعا.
قال النووي -رحمه الله تعالى- في المجموع: وأما السنن الراتبة مع الفرائض فيسر بها كلها، باتفاق أصحابنا. انتهى.
والله أعلم.