الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمس المرأة للرجل على النحو المذكور في السؤال لا يجوز في الأصل. وأما في باب الطب وتعلمه؛ فيجوز بشرط عدم المعالج من كل صنف، وبالقدر الذي تمليه الحاجة، أو تفرضه الضرورة.
وقد بوب البخاري في كتاب الطب من صحيحه باب: (هل يداوى الرجل المرأة والمرأة الرجل) وأسند فيه عن ربيع بنت معوذ. قالت: كنا نغزو مع النبى -عليه السلام-، نسقى القوم، ونخدمهم، ونرد القتلى والجرحى إلى المدينة. اهـ
قال ابن بطال في شرحه: هذا إنما يجوز للنساء المتجالات اللاتي لا تخشى من قبلهن الفتنة، وأما الجواري فلا يباشرون الرجال غير ذوي المحارم منهن. اهـ.
ونقله عنه ابن الملقن في التوضيح، ثم قال: وعندنا إنما تجوز المداواة عند عدم المعالج من كل صنف. اهـ.
وقال ابن حجر في فتح الباري: فيه جواز معالجة المرأة الأجنبية الرجل الأجنبي، للضرورة. اهـ.
والمرأة المتجالة هي: الكبيرة في السن. قال الخطابي في غريب الحديث: يُقَالُ: تجالت المرأة فهي متجالة .. إذا كبرت وعجزت. اهـ.
ورَدُّ الدكتورة على السائل بأن: (هذا للعلم!) إقرار منها بأن الأصل حرمة ذلك، وأنه لولا ضرورة التعليم لما صح فعله!
وعلى ذلك، فمحل النزاع بينكما لا يصح أن يكون في حرمة هذا الفعل، وإنما في هذا التعليم، هل هو ضرورة تبيح المحرم أم لا؟ ثم ما قدر هذه الضرورة؟ ولذلك فإن الدكتورة نفسها قالت: (لا يصح أن تخرج الفتيات لتطبيق العملي)، وهذا معناه أن ضرورة التعليم في تقديرها لا تبلغ أن يخرج الفتيات لأجلها.
والمقصود أن البحث هنا ليس في الحرمة، وإنما في وجود الضرورة المبيحة لذلك.
والحقيقة أن الضرورة إنما تكون عندما يعجز نظام التعليم عن توفير رجال لتدريب الرجال، ونساء لتدريب النساء، تعلما وتعليما، سواء في مجال العلاج الطبيعي، أو غيره من المجالات الطبية، أو غير ذلك من المجالات. والحكم بذلك يختلف من بلد إلى بلد، ومن حال إلى حال.
وأما بخصوص حال السائل؛ فإنه قد أصاب في فعله وفهمه، وراجع في ذلك الفتاوى: 434107، 235087، 126019، 26820، 165577، 195741.
والله أعلم.