الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فينبغي للمسلم أوَّلًا أن يتّقي الله تعالى، وأن يهتم بالأعمال الصالحة التي هي وسيلة لدخول الجنة؛ فدخول الجنة هو الغاية العظمى، والمبتغى الأسمى.
ثانيًا: أهل الجنة لهم ما يشاؤون فيها خالدين، ولهم فيها ما تشتهيه أنفسهم، وتلذه أعينهم، وهم لم يدخلوا الجنة إلا لإتيانهم بالمأمورات، واجتنابهم المحظورات، ومن المأمورات التي يقطع بإتيانهم بها محبة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن مبغضه -صلوات الله وسلامه عليه- لا يشم رائحة الجنة، فمن دخل الجنة، فهو محب للنبي صلى الله عليه وسلم ولا بد، فليقرّ عينًا، وليعلم أن له في الجنة ما شاء من صنوف النعيم.
ومن كان في الدنيا يريد أن يلتذّ بمجالسة أصدقائه في الجنة، فلا حرج عليه، وليس ذلك دليلًا على عدم محبته للنبي صلوات الله وسلامه عليه، أو نقصها، وقد جعل الله تعالى من نعيم أهل الجنة تجالسهم مع محبيهم، وتحادثهم، وكمال الصفاء والمودة بينهم، ونزع ما كان من غل في صدورهم في الدنيا، كما قال تعالى: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ {الحجر:47}، وقال: وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ {الطور 25: 27}، إلى غير ذلك من الآيات.
فَسَلِ الله الجنة، واعمل لها بصدق؛ فثَمَّ الراحة التي لا تعب بعدها.
نسأل الله أن يرزقنا الجنة، وما قرب إليها من قول وعمل.
والله أعلم.