الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الضابط في مثل هذه المعاملات ما يتم من عقد بين الشركة وبين الأجير الذي يعمل فيها، فما تم الاتفاق عليه في العقد أو اللوائح التي تنظم العمل، فالواجب تنفيذه والرجوع إليه في الحكم على أي تصرف من جهة الجواز وعدمه.
وعلى هذا فما ذكرت مما يتعلق بالحضور والانصراف والتوقيع عن أيام لم تحضر فيها أو توكيل زميلك بالتوقيع عنك، وغير ذلك، فلا يجوز ما لم يكن منصوصاً عليه في العقد أو اللوائح التي تنظم العمل، ولا يحل لك من الكسب إلا ما كان مقابل دوامك الفعلي وما زاد على ذلك فالواجب رده إلى الشركة، واعلم أن عدم الانضباط الإداري أو علم الإدارة بذلك لا يسوغ ما حدث منك، ما لم تكن الإدارة مخولة بذلك من قبل الشركة، وبشرط أن لا يكون في ذلك نوع من المحاباة، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6326، 1553، 32588.
وثم بعض التنبيهات على بعض الأمور الواردة في السؤال:
الأول: أن بقاءك في الشركة بدون عمل إذا كان برضا من أصحاب الشركة فلا حرج فيه إن شاء الله، ولكن الأولى أن تبحث عن عمل آخر، ولا سيما في مجال تخصصك إذ أن ذلك يكسبك خبرة في هذا المجال.
الثاني: أن ما أسميته "تنفيذه بالباطن" وهو ما يسمى بالإيجار من الباطن لا حرج فيه إن شاء الله، بشرط عدم الإخلال بما اتفق عليه في العقد، وراجع في هذا الفتوى رقم: 13225.
الثالث: حول نصح هؤلاء الموظفين الذين ذكرت من حالهم ما ذكرت، فالواجب عليك بذل النصح لهم، فقد ثبت في صحيح مسلم عن تميم بن أوس الداري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:الدين النصيحة.
وإن كنت تخشى التأثر بهم فكن منهم على حذر، وإن كنت تخشى على دينك من وجودك معهم بهذه الشركة فاطلب السلامة لدينك، واترك العمل بهذه الشركة، واعلم أن من ترك شيئاً لله عوضه خيراً منه، قال الله تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3].
والله أعلم.