الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذه المسألة مشهورة مبينة في كتب الفقهاء، وقد بيناها في فتاوى كثيرة، وذكرنا أن الأصل في من شك في ركن هو أنه لم يأتِ به.
فمن شك في الإتيان بالركوع مثلًا؛ فالأصل أنه لم يركع.
ومن شك أثناء صلاته هل سجد سجدة، أو سجدتين؛ فالأصل أنه سجد سجدة واحدة، وهكذا.
فإن كان قام إلى ركعة تالية، وشرع في قراءتها؛ فإنه يلغي تلك الركعة التي نسي منها ركنًا لم يأتِ به، ويجعل التي هو فيها مكانها، قال ابن قدامة في المغني -وهو حنبلي-: من ترك ركنًا من ركعة -كركوع، أو سجود-، ثم ذكره بعد الشروع في قراءة الركعة التي تليها؛ بطلت الركعة التي ترك الركن فيها، وصارت التي شرع في قراءتها مكانها، نصّ عليه أحمد. انتهى.
وأما من فرغ من الصلاة، فلا اعتبار بشكّه؛ لأن الشكّ بعد الفراغ من العبادة، لا يؤثر في صحتها، كما ذكرناه في الفتوى: 120064.
وما ذكرناه من حكم من شك أثناء صلاته، إنما هو في حق الشخص السويّ، الذي لا يكثر منه الشك بحيث يصير كالوسواس.
وأما الموسوس، ومن يكثر منه الشك؛ فعليه أن يعرض عن الوساوس، ولا يبالي بها، كما بينا ذلك مرارًا، وانظر الفتوى: 134196.
والله أعلم.