الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاليتيم هو من مات أبوه وهو دون سن البلوغ، لا من ماتت أمه، فلا يعتبر ولدك يتيما ما دمت حيا.
وتؤجر على تربية ولدك والقيام بشؤونه، ولا شك أن هذا عمل صالح، وواجب شرعي؛ فإن الأب مسؤول عن ولده يوم القيامة، كما في الحديث المتفق عليه: أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْهُمْ.
والراعي هو الحافظ المؤتمن، الملتزم صلاح ما قام عليه مما تحت يده، فأنت راع على ولدك، مطالب بحفظه والقيام بمصالحه.
وأما هل ستدخل الجنة؟ فالجنة سيدخلها من آمن وعمل صالحا، كما قال تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا {النساء:57}.
والأعمال بالخواتيم، فإن مُتَّ على الإيمان والعمل الصالح، فستدخلها إن شاء الله تعالى.
والإكثار من الحسنات يكون بالإكثار من العبادات، والعبادات غير الصلاة والذكر كثيرة، فالصيام من أجل العبادات، والإكثار منه أجره عظيم، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يَسأله السائل أن يدله على عمل صالح، فيرشده إلى الصيام، ففي حديث عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ، قَالَ: عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَا عِدْلَ لَهُ. رواه النسائي وابن حبان.
فاجتهد في الإكثار من الصيام تكثر حسناتك إن شاء الله تعالى، كما أن من أبواب الاستكثار من الحسنات باب مساعدة الآخرين، وتقديم يد العون لهم والسعي في مصالحهم، ففي الحديث الذي رواه الطبراني وحسنه الألباني: أَنَّ رَجُلًا، جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ, فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ, وَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ, وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ, أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً, أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا, أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلَئِنْ أَمْشِي مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ شَهْرًا فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ, وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ, وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ؛ مَلَأَ اللَّهُ قَلْبَهُ رَجَاءً يَوْمَ الْقِيَامَةِ, وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يُثَبِّتَهَا لَهُ، ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزُولُ الْأَقْدَامُ.
وزواجك بزوجة أخرى، لا يمنع اجتماعك بزوجتك الأولى في الجنة إن قضى الله تعالى أنكما من أهلها، وقد أخبر الله تعالى في كتابه أنه يجمع الرجل من أهل الجنة بأهله في الدنيا فيها ويلحقهم به.
قال ابن كثير في التفسير عند قول الله تعالى: جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ {الرعد: من الآية23}: أي يجمع بينهم وبين أحبابهم فيها من الآباء والأهلين والأبناء، ممن هو صالح لدخول الجنة من المؤمنين؛ لتقر أعينهم بهم حتى إنه ترفع درجة الأدنى إلى درجة الأعلى امتناناً من الله وإحساناً، من غير تنقيص للأعلى عن درجته، كما قال تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ. الآية. اهــ.