الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمثل هذا الاختلاف بين المصاحف التي نسخت بأمر الخليفة الراشد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- ثم أرسلت إلى الأمصار، إنما هو من جنس الخلاف بين القراءات المتواترة، المأخوذة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالرسم تابع لأداء اللسان.
وهناك ألفاظ متواترة لا يمكن استيعابها برسم واحد، فجاء الخلاف في الرسم؛ ليتناول جميع أوجه التلاوة المتواترة، ولم ينشأ من خطأ النساخ أو غفلتهم، وإنما جاء مقصودا لاستيعاب عامة القراءات المتواترة، فمثلا: آية: {جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ} بهذا الرسم لا تستوعب قراءة: جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ {التوبة:100}. فكان لا بد من نسخة لكل قراءة من القراءتين المتواترتين.
وراجع في ذلك الفتاوى: 172105، 310285، 319414.
والله أعلم.