الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم الإجهاض: فذهب الحنفية والشافعية وبعض الحنابلة إلى جوازه إذا كان قبل نفخ الروح، قال ابن الهمام في فتح القدير: يباح الإسقاط بعد الحبل ما لم يتخلق شيء منه، ثم في غير موضع قالوا: ولا يكون ذلك إلا بعد مائة وعشرين يوماً وهذا يقتضي أنهم أرادوا بالتخلق نفخ الروح. ا.هـ
وقال الرملي في نهاية المحتاج: الراجح تحريمه بعد نفخ الروح مطلقاً وجوازه قبله. ا.هـ
وفي حاشية قليوبي: نعم يجوز إلقاؤه ولو بدواء قبل نفخ الروح فيه خلافاً للغزالي. هـ
وذهب بعض الحنابلة وبعض المالكية إلى جوازه قبل أربعين يوماً، قال المرداوي في الإنصاف: ويجوز شرب دواء لإسقاط نطفة...
وذهب المالكية إلى عدم الجواز مطلقاً وهو قول لبعض الحنفية وبعض الشافعية وبعض الحنابلة، قال الدردير في شرحه على خليل: لا يجوز إخراج المني المتكون في الرحم ولو قبل الأربعين يوماً، وإذا نفخت فيه الروح حرم إجماعاً. انتهى.
والفتوى في الشبكة على هذا القول، لأن في الإسقاط إفساداً للنسل، وفتحاً لباب الفساد، فالواجب سده.
وعليه؛ فإنه لا يجوز لك الإسقاط ولو كان الحمل في الأسبوع السابع أو قبله أو بعده، واعلمي أن الزنا جرم وفاحشة عظيمة، وإذا أضفت إليها الإجهاض زدت إليها جرماً آخر، أما عن قتل النفس (الانتحار) فلا يمكن أن يفكر فيه عاقل، لأنه هروب أولاً، ولأن قاتل نفسه خالد مخلد في النار كما جاءت بذلك الأحاديث الصحاح، وخزي في الدنيا وعذابها خير من خزي الآخرة وعذابها.
فأول واجب عليك الآن هو التوبة مما فعلته والندم والاستغفار على ذلك، ثم عليك بالاحتفاظ بهذا الجنين حتى تضعيه وتربيه التربية الصالحة، وإذا صلح حالك مع الله سيصلح الله حالك مع زوجك وأهلك والناس أجمعين، لكن إذا رأيت أن هذا الأمر فيه مشقة عظيمة فلا بأس عليك في الأخذ بقول من يجيز الإجهاض قبل نفخ الروح، لاسيما أن بعض المالكية وبعض الشافعية أجازوا الإجهاض إذا كان من الزنا وخشيت المرأة على نفسها، وأما عن زواجك فإنه صحيح، وما فعلته لا يؤثر عليه من جهة الصحة، نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يغفر لنا ولك، وأن يتوب علينا وعليك، وأن يصلح حالنا وحالك، وأن يختار لنا ولك ما فيه الخير.
والله أعلم.