الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنود أن نلفت نظرك إلى أن من الأفضل كتابة هذا السؤال لقسم الاستشارات بموقعنا على هذا الرابط:
https://islamweb.net/ar/consult/
وما يمكننا قوله هنا أنك ذكرت عن والدك جملة من الصفات السيئة؛ كسوء تعامله معكم، وجفائه، وغلظته، فإن صح ذلك عنه، فلا شك في أنه مخالف لما جبل عليه الآباء من الرحمة، والشفقة بأولادهم، وخاصة الإناث منهم، والحرص على ما فيه مصلحتهم، والحذر مما فيه ضررهم.
والوالد يبقى والدا، ومن حقه على ولده أن يبره، ويحسن إليه مهما أساء وظلم، كما سبق أن بينا ذلك بأدلته في الفتوى: 435385.
ويجب الحذر من عقوقه بأي أذى، ولو كان يسيرا، كما أوضحنا في الفتوى: 73463. وإذا كان الأذى اليسير عقوقا، فكيف بالقتل، فيجب الحذر من التفكير في ذلك كله.
ومن أهم ما نوصيكم به:
أولا: الصبر عليه، ففي الصبر كثير من الفضائل والفوائد، سبق وأن ضمنا طرفا منها الفتوى: 18103.
ثانيا: الدعاء له بأن يهديه الله سبحانه صراطه المستقيم، ويتوب عليه، ويرزقه الرشد والصواب، فالله على كل شيء قدير، وكل شيء عليه يسير، وهو سميع مجيب لمن دعاه، قال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186}. وقد ذكرت أنكم متمسكون بدينكم، فنرجو أن يكون هذا من دواعي استجابة دعائكم، وراجعي الفتوى: 119608.
ثالثا: بذل النصح له برفق ولين، والأفضل أن يكون ذلك من بعض الوجهاء، وفضلاء الناس الذين يرجى أن يستجيب لقولهم، ويكون منهم تأثير عليه، ثبت في صحيح مسلم عن تميم الداري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: الدين النصيحة. قلنا: لمن؟ قال:لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم. وروى مسلم أيضا عن عائشة -رضي الله عنها-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه.
رابعا: المحافظة على روح التدين والاستقامة على طاعة الله -عز وجل- في بيتكم، فإنه من أفضل ما يعين على حل مشاكل الأسرة، ويجعلها مستقرة، فقد وعد الله المتقين بالفرج من الشدة، والمخرج من الضيق، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ الله يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا {الطلاق:2}، وقال: وَمَنْ يَتَّقِ الله يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4}.
خامسا: على الآباء معرفة دورهم تجاه أبنائهم، فيقوموا بذلك على أكمل وجه، وكذلك الحال بالنسبة للأبناء تجاه آبائهم. وإذا أراد الأبناء أن يبرهم أبناؤهم في المستقبل، فليبروا آباءهم، فالجزاء من جنس العمل.
والله أعلم.