الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجوابنا على سؤالك يتلخص فيما يلي:
أولا: من أخرج زكاة الفطر نقودا مقلدا لقول من يفتي بجواز ذلك؛ فلا حرج عليه، ولا يطالب بإعادة إخراج تلك الزكاة.
ثانيا: من دفع الزكاة لمن يظنه من أهلها، فقد برئت ذمته، ولا يتوقف دفع الزكاة على اليقين من استحقاق الآخذ، بل يكفي الظن.
قال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: وَلَا يَدْفَعُ الزَّكَاةَ إلَّا لِمَنْ يَظُنُّهُ أَهْلًا لِأَخْذِهَا، لِأَنَّ دَفْعَهَا لِغَيْرِ أَهْلِهَا لَا يُبَرَّأُ بِهِ، وَالْعِلْمُ بِذَلِكَ رُبَّمَا يَتَعَذَّرُ، فَأُقِيمَ الظَّنُّ مَقَامَهُ. اهـ.
فإذا كنت تدفع الزكاة لمن ظننته مسلما من الفقراء، فهذا يكفي؛ بل لو تبين أنك دفعتها إلى كافر لم نر عليك الإعادة، فقد قدمنا في الفتوى: 192383. أن العامي إذا عمل عملًا دون استفتاء، ووافق عمله قولًا لأهل العلم المجتهدين؛ فإنه يجزئه ذلك، ولا يطالب بالإعادة.
وقد ذهب الإمام أبو حنيفة إلى جواز دفع زكاة الفطر للكافر.
قال النووي في المجموع عن دفع الزكاة إلى الكافر: وَاخْتَلَفُوا فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ، فَجَوَّزَهَا أَبُو حَنِيفَةَ، وَعَنْ عمرو بن ميمون وعمر بن شرحبيل ومرة الهمذاني أَنَّهُمْ كَانُوا يُعْطُونَ مِنْهَا الرُّهْبَانَ، وَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ: لَا يُعْطَوْنَ. اهــ.
ثالثا: وأما هل الأرز يعتبر قوتا عندكم؟ ففتاوى دار الإفتاء في بلدكم وهي المرجع في هذا تعتبر الأرز قوتا، كما في فتاواها على موقعها في الشبكة العنكبوتية، وتذكر الأرز من جملة الأصناف التي تخرج منها زكاة الفطر، ولم نقف لهم على فتوى في إخراج زكاة الفطر من المعكرونة، ولا شك أنها تعتبر من غالب القوت في ليبيا، ولكن جواز إخراجها في زكاة الفطر يتفرع على الخلاف في جواز إخراج غير الحب كالدقيق والخبز، و المفتى به عندنا الجواز، وانظر الفتوى: 157845 .
رابعا: تارك الصلاة كسلا مسلم عاص، وليس بكافر في قول جمهور أهل العلم، فإذا لم يخرج زكاة الفطر مع قدرته عليها فهو عاص، ويلزمه إخراجها، ولا تسقط من ذمته، وانظر الفتوى: 78313، والفتوى: 115264. وكلتاهما فيما يلزم من لم يخرج زكاة الفطر لسنوات عديدة.
والله أعلم.