الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالدعاء المنسوب للخضر عليه السلام ذكره الحافظ العجلوني في كشف الخفاء ومزيل الالباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس ولفظه: يا من لا يشغله سمع عن سمع ويا من لا تغلطه المسائل ولا يا من لا يتبرم بإلحاح الملحين، وفي لفظ يا من لا يبرمه إلحاح الملحين أذقني برد عفوك وحلاوة رحمتك، ثم عقب عليه قائلاً: أخرجه الخطيب وابن عساكر عن علي بن أبي طالب، قال: بينما أنا أطوف بالبيت إذا رجل معلق بأستار الكعبة يقول: يا من لا يشغله سمع إلى آخره، فقلت يا عبد الله أعد الكلام، قال: وسمعت؟ قلت: نعم، قال: والذي نفس الخضر بيده -وكان هو الخضر- لا يقولهن عبد دبر الصلاة المكتوبة إلا غفرت ذنوبه وإن كانت مثل رمل عالج وعدد المطر وورق الشجر. انتهى من الدر المنثور للسيوطي في تفسير قوله تعالى: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا [الكهف:60]. انتهى، وذكر ابن حجر في الفتح وقال: أخرجه ابن عساكر من وجهين في كل منهما ضعف.
ولكن العجلوني هنا لم ينسب الدعاء إلى كميل، أما كميل فهو كميل بن زياد النخعي كان من خواص علي رضي الله عنه، قال ابن كثير في البداية والنهاية كان شجاعاً فاتكاً وزاهداً عابداً قتله الحجاج صبراً. انتهى.
ولكن الظاهر عدم صحة ما يترتب على هذا الدعاء لأمور:
الأمر الأول: ما قدمناه في حكم ابن حجر عليه بالضعف.
الأمر الثاني: عدم وجوده في كتب السنة المشهورة، وما يترتب عليه من هذا الثواب الجزيل لا يناسب أن تخلو منه كتب علماء السنة الحريصين على نفع الأمة، فقد توافرت الدواعي إلى نقله.
الأمر الثالث: من الأدلة التي يستدل بها علماء مصطلح الحديث على كون الحديث موضوعاً اشتماله على الثواب الكثير مقابل العمل القليل، قال الإمام السيوطي في ألفيته في مصطلح الحديث أثناء ذكره علامات الوضع في الحديث: وما به وعد عظيم أو وعيد على حقير وصغيرة شديد
ومن الأولى والأفضل في حق المسلم استعمال الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد انقضاء الصلاة المفروضة، ومن هذه الأدعية:
1- ثبت في صحيح مسلم وغيره عن ثوبان قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثاً وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ذا الجلال والإكرام.، قال الوليد: قلت للأوزاعي: كيف الاستغفار؟ قال: تقول: أستغفر الله أستغفر الله.
2- كما جاء في صحيح مسلم أيضاً من حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وحمد الله ثلاثا وثلاثين وكبر الله ثلاثا وثلاثين فتلك تسعة وتسعون، وقال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر.
وللتعرف على هذه الأذكار المأثورة بعد الصلوات المكتوبة راجعي حصن المسلم للشيخ القحطاني وغيره من الكتب الصحيحة المشتملة على الأدعية المأثورة.
والله أعلم.