الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسؤالك هذا يدل على أنك غير راضية بقضاء الله، تمام الرضا، فاعلمي أن الله -تعالى- أعلم بمصالح العبد من نفسه، وأنه أرحم به من أمه.
قال تعالى: وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}. وفي الصحيح أنه صلوات الله عليه قال، لما رأى امرأة من السبي ترضع ولدها: لله أرحم بعبده من هذه بولدها.
فوطني نفسك على التسليم لحكمه، والرضا بجميع قدره، والعلم بأن ما اختاره لك خير مما اخترته لنفسك. قال الله: وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ {المائدة:23}، وقال تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {التغابن:11}.
قال علقمة في تفسيرها: هو العبد تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله، فيرضى ويسلم.
وليس عدم دخول الطب نهاية العالم، ولا في دخول الطب الفوز بكل شيء، ثم إن هناك مجالات أخرى نافعة للمسلمين يمكن أن تلتحقي بها، وتجتهدي فيها، وربما كانت أنفع لك وللمسلمين من الطب بإذن الله.
ونحن قد تخفى علينا حكمة الله -عز وجل- فيما يقضيه، ولكن لا بد أن نوقن بأن له -تعالى- الحكمة البالغة التي يستوجب الحمد عليها.
وعلينا ألا ننظر في الدنيا إلى من هو فوقنا ممن أوتي المال، أو دخل كلية أعلى، بل ننظر في الدنيا إلى من هو دوننا، فما أكثر من رسبوا، ومن حصلوا على مجموع أقل بكثير جدا من مجموعك، وانظري الفتوى: 79720.
فاحمدي الله على ما آتاك، وافرحي بنجاحك، وأقبلي على حياتك واستأنفي نشاطك، وادخلي المجال الذي تحبينه مما يتيحه مجموعك، سائلة الله التوفيق والمعونة.
وأما دعاؤك فلم يذهب سدى، فربما صرف الله عنك شرا أكبر كان سيصيبك لولا هذا الدعاء، وربما ادخر لك من الأجر في الآخرة ما تقر عينك به أكثر من نفس إجابة الدعاء، وفقك الله لما فيه رضاه.
والله أعلم.