الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا بد من التفريق بين الرفض الطبعي للتعدد، وبين الرفض الشرعي، فالمرأة التي تقرّ بأن التعدد مباح شرعًا، وأنه حكم الله، وأنه حق وعدل، لا يقدح في إسلامها رفض الزواج برجل متزوج، أو زواج زوجها بأخرى، بخلاف من تعارض شريعة التعدد أصلًا، أو ترى فيها ظلمًا للمرأة، فالأولى غلبت عليها غيرة النساء، والثانية غلبت عليها شقوتها ـ والعياذ بالله ـ، والفرق بين هذين كبير جدًّا، والسائل نفسه يقرّ بوجوده، حيث يقول: الفرق بينها وبين الآخرين أنها مؤمنة بالآية والأخرى ترفضها! وهذا يؤثر على إيمان صاحبه، وراجع الفتوى: 99194.
وعلى أية حال؛ فغيرة المرأة شيء جبلي، لا تلام عليه، ما لم يحملها على معصية، وقد تأذّت فاطمة ـ رضي الله عنها ـ لما همَّ زوجها علي -رضي الله عنه- أن يتزوّج عليها بأخرى، واشتكت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، وراجع في ذلك الفتويين التاليتين: 163241، 338821.
ومراعاة هذه الجبلّة لا يصح أن تكون على حساب المصلحة الكلية للمجتمع؛ فإن إباحة التعدد بشروطه الشرعية، هو الحق الموافق للحكمة، الجالب للمصلحة، الحافظ للمجتمع من آفات كثيرة، وراجع في ذلك الفتوى: 71992.
وأما قول السائل: هل المجتمع آثم كله في حالة كهذه..؟ فمما يستغرب! فكل امرئ بما كسب رهين، وتعدد الزوجات مبناه على الإباحة، لا الاستحباب، فضلًا عن الوجوب، إلا في حالات مخصوصة، وراجع في ذلك الفتوى: 135144.
والله أعلم.