الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأحسن والأسلم هو لزوم الأدعية النبوية، وأن يسأل العبد ربه أن يؤتيه في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وأن ييسر له الخير حيث كان، وأن يصلح له دِينه، ودنياه، ونحو ذلك من الأدعية الجوامع.
وأما إذا دعا بشيء معين، كان فيه الشر له، فمن رحمة الله تعالى أنه لا يستجيب ما كان من هذا القبيل، قال تعالى: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ {يونس:11}.
قال ابن كثير -رحمه الله-: يُخْبِرُ -تَعَالَى- عَنْ حلمه ولطفه بعباده، أنه لا يستجيب لهم إِذَا دَعَوْا عَلَى أَنْفُسِهِمْ، أَوْ أَمْوَالِهِمْ، أَوْ أَوْلَادِهِمْ فِي حَالِ ضَجَرِهِمْ وَغَضَبِهِمْ. وَأَنَّهُ يَعْلَمُ منهم عدم القصد بالشر إِلَى إِرَادَةِ ذَلِكَ؛ فَلِهَذَا لَا يَسْتَجِيبُ لَهُمْ -وَالْحَالَةُ هَذِهِ- لُطْفًا وَرَحْمَةً، كَمَا يَسْتَجِيبُ لَهُمْ إذا دعوا لأنفسهم، أو لأموالهم، أو لأولادهم بِالْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ وَالنَّمَاءِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ.. الآية، أي: لو استجاب لهم كلما دَعَوْهُ بِهِ فِي ذَلِكَ، لَأَهْلَكَهُمْ، وَلَكِنْ لَا يَنْبَغِي الْإِكْثَارُ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثُ. انتهى.
وقال تعالى: وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا {الإسراء:11}.
قال القاسمي: وقوله: وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا. يعني بالإنسان من أسند إليه الدعاء المذكور من أفراده. عجولًا يسارع إلى طلب ما يخطر بباله، متعاميًا عن ضرره. انتهى.
فالله للطفه وبره ورحمته لا يستجيب كل ما يدعو به العبد لعجلته، وظنه الذي قد يخالف الواقع.
فإذا دعا حال غضبه، أو ضجره، أو دعا بما يظنه خيرًا وهو له شر؛ فإن الله عز وجل لا يعجل له بالإجابة؛ رحمةً به، ولطفًا، ولكنه لا يحرم ثواب دعائه، فهو مذخور له في الآخرة، أو مصروف عنه من السوء مثل ما دعا به، كما ورد في الحديث.
والله أعلم.