الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله -تعالى- أن يشفيك، ويعافيك.
وأما مسألة نقض الوضوء بهذا النوع من الغسيل (البريتوني)، فهي محل نظر وخلاف بين أهل العلم.
والأظهر أن خروج سائل هذا الغسيل من الجسم، له حكم البول، فيكون نجسًا، وناقضًا للوضوء، قال الشيخ خالد المشيقح في دورة «فقه النوازل في العبادات»: الخارج -يعني من عملية غسيل الكلى- نقسمه إلى قسمين:
1 - إن كان دمًا، فهذا لا ينقض.
2- أو يكون غير دم، كبول، أو غائط، أو ما له صفة البول أو الغائط، كما في الغسيل البروتيني؛ لأن الغسيل البروتيني فيه صفة البول؛ لأنه يحتوي على السموم، والفضلات ... التي تكون في البول.
فالغسيل البروتيني: مذهب الحنابلة، ومذهب الحنفية أنه ينقض.
ومذهب الشافعية التفصيل: إن كان تحت السرة، فإنه ينقض، وإن كان فوق السرة، فإنه لا ينقض.
والأقرب في هذه المسألة: أن الغسيل البروتيني أنه ينقض الوضوء؛ لأن هذا الخارج لا يأخذ حكم الدم، وإنما يأخذ حكم البول؛ لأن فيه صفات البول من الفضلات، والأملاح، والسموم ...اهـ.
وهناك ملمح آخر لخلاف أهل العلم في هذه المسالة، وهو: انفتاح أو انسداد مخرج البول الأصلي عند خروج سوائل الغسيل، وراجعي في ذلك الفتوى: 70717.
وكذلك مسألة الإفطار، فيها نظر بين المعاصرين.
والأظهر أن هذا النوع من الغسيل يفطر، ولكن ليس لوصول سائل الغسيل إلى الجوف، وإنما لاختلاطه بالأملاح، والمعادن، وسكر الجلوكوز، قال الدكتور عبد الرزاق الكندي في أطروحته للدكتوراة: «المفطرات الطبية المعاصرة، دراسة فقهية طبية مقارنة»: بحسب ما سبق من مقدمات طبية حول الغسيل البريتوني؛ فإنّ الذي يظهر للباحث أن الغسيل البريتوني مفسد للصوم؛ للأسباب الآتية:
1. أنه يتم إدخال كمية كبيرة من السوائل: (الماء، والأملاح، والمعادن، والسكر) بحيث تتفاعل مع الدم لمدة طويلة، ويتم انتقال هذه المواد إلى الدم، وهي كثيرة، كما هو متقرر طبيًّا.
2. أنّ هذه العملية تستمر لساعات طويلة، ما بين 4- 5 في الغسيل اليدوي، 7 - 9 في الغسيل الآلي؛ مما يدل على أنّ كمية السكريات، والأملاح الداخلة إلى الدم كبيرة، ويمكن استغناء الجسم بها عن الطعام لمدة من الزمن.
3. أنّه إذا كان الغسيل البريتوني يمد الجسم بالمواد الحيوية من الأملاح، والسكريات؛ فإن حكم الغسيل البريتوني هو حكم الحقن المغذية، حيث وجه التفطير فيها ليس وصولها إلى الجوف، وإنما استفادة الجسم من السكريات، والأملاح الكثيرة الداخلة إلى الدم خلال العملية، فهو بمعنى الأكل والشرب. اهـ.
وراجعي للفائدة، الفتوى: 259006.
والله أعلم.