الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس هنالك ما يدعو للقلق وكثرة التفكير؛ فالزواج من الرزق، وسيأتيك ما قدر الله لك منه، قال تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ {هود:6}.
روى البيهقي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الروح الأمين نفث في روعي: أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها, فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب... الحديث.
وهذا لا يمنع المسلم من اتخاذ الأسباب، بل ينبغي للمسلم أن يتخذ الأسباب ومن أهمها الدعاء، فإن الله أمر به عباده، ووعد بالإجابة حيث قال: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}.
ومن أعظم أسباب إجابة الدعاء حسن الظن بالله، واليقين بالإجابة، وقد بينا ذلك ضمن آداب الدعاء، في الفتوى: 119608.
فأكثري من الدعاء وأنت موقنة بالإجابة، كان عمر -رضي الله عنه- يقول: إني لا أحمل همَّ الإجابة، ولكن أحمل همّ الدعاء.
ومن الأسباب التي ينبغي أن تتخذيها أن تستعيني بالثقات من أقاربك وصديقاتك، فيجوز للمرأة شرعا البحث عن الزوج الصالح، كما سبق وأن بينا في الفتوى: 18430.
فابذلي كل سبب مشروع من غير تفكير وقلق يقعدك عن مصالح دنياك وأخراك، وأملي في ربك ما يسرك؛ فهو عند حسن ظن عبده به.
والطموح في سبيل تحصيل المصالح لا يتنافى مع الإيمان، بل الشرع يحث المؤمن على العمل على تحقيق مصالحه، قال تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ {الملك:15}.
وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليفعل. رواه أحمد وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم. انتهى.
وراجعي للفائدة، الفتوى: 55820.
والله أعلم.