الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقاعدة في مجال الصفات وما يتعلق بذات الله -عز وجل- أنه لا يوصف إلا بما وصف به نفسه في كتابه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم. فيثبت ذلك على الوجه اللائق به سبحانه.
قال ابن تيمية في (العقيدة الواسطية): ومن الإيمان بالله: الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه، وبما وصفه به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، بل يؤمنون بأن الله -سبحانه- ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه، ولا يحرفون الكلم عن مواضعه، ولا يلحدون في أسماء الله وآياته، ولا يكيفون ولا يمثلون صفاته بصفات خلقه؛ لأنه -سبحانه- لا سمي له، ولا كفء له، ولا ند له، ولا يقاس بخلقه -سبحانه وتعالى- فإنه أعلم بنفسه وبغيره، وأصدق قيلا، وأحسن حديثا من خلقه... اهـ.
وقال ابن القيم (مدارج السالكين): العصمة النافعة في هذا الباب: أن يوصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، بل تثبت له الأسماء والصفات، وتنفي عنه مشابهة المخلوقات، فيكون إثباتك منزها عن التشبيه، ونفيك منزها عن التعطيل. اهـ.
وقد جاء ذكر العين وصفاً لله -تعالى- في القرآن مفردة، مضافة إلى الضمير المفرد، كما قال تعالى: .. وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي {طه:39}، كما جاءت مجموعة، مضافة إلى ضمير الجمع، كما قال تعالى: تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ {القمر:14}، ولم يأت ذكر العين وصفا لله -تعالى- في القرآن مثناة، ولكن جاء ذلك في السنة.
قال ابن القيم في الصواعق: ونطقت السنة بإضافتها إليه مثناة، كما قال عطاء عن أبي هريرة عن النبي: إن العبد إذا قام في الصلاة، قام بين عيني الرحمن. فإذا التفت قال له ربه: إلى من تلتفت، إلى خير لك مني. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن ربكم ليس بأعور ـ صريح في أنه ليس المراد إثبات عين واحدة ليس إلا، فإن ذلك عور ظاهر -تعالى- الله عن ذلك علوا كبيرا. انتهى.
وأما قولك: (هل لله عينان في وجهه ) فهذا لم يرد، وفيما سبق بيان كون العصمة في الانتهاء في هذا الباب إلى ما ورد في الكتاب والسنة من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل. ولمزيد من الفائدة، انظر الفتوى: 198755.
والله تعالى أعلم.