الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقولك: (فهل تكفي النية): فإن القاعدة: أن من نوى طاعة، وعزم عليها عزمًا جازمًا، ثم حيل بينه وبين الفعل؛ لسبب كوني، أو شرعي، فإنه يكتب له ثوابها تامًّا. للحديث: إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بِالْحَسَنَةِ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبهاَ اللهُ لَهُ حَسَنَةً، وَمَنْ عَمِلَهَا كَتَبَ اللهُ لَهُ بِهَا عَشْرًا إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ وَأَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ. وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ وَلَمْ يَعْمَلْهَا، كَتَبَ اللهُ لَهُ بِهَا حَسَنَةً كَامِلَةً، وَمَنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِ سَيِّئَةً وَاحِدَةً. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وجاء في التنوير في شرح الجامع الصغير، عند شرح جملة: فلم يعملها، كتبها الله عنده حسنة كاملة: كاملة الأجر كأنه أبرزها وأوقعها، فلا نقص معها عن الكمال، إنما لا مضاعفة فيها كالتي يوقعها حقيقة. ومن هنا قيل: "إن نية المؤمن خير من عمله"؛ لأنه ينوي من الخير أضعاف ما يصدره ويوقعه، فأجر نياته أكثر من أجر أعماله. انتهى.
وعليه؛ فما نويت فعله من العمل الصالح، وصرفك عنه صارف من عذر ونحوه. فإنه يكتب لك أجره ولو لم تعمليه فيما يستقبل. ولو عملتِه، فيكتب لك أجر فعله، وأجر النية الأولى قد كتب لك، وفضل الله واسع.
وناشر الفيديو يكتب له أجر دلالته على الخير ودعوته إلى الهدى؛ لما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من دعا إلى هدى، كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الوزر مثل أوزار من تبعه، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء.
والله أعلم.