الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد بينا الحكم الشرعي في وطء الزوجة من دبرها، وسطرنا الأدلة على تحريم ذلك الفعل الشنيع في الفتوى: 167493.
وأما عن قولك هل يعد دخولًا صحيحًا: فمذهب الحنابلة -وهو المفتى به عندنا- أن الخلوة بالزوجة بعد العقد الصحيح تأخذ حكم الدخول، وإن لم يحصل وطء أصلًا، قال ابن قدامة في المغني: وَإِذَا خَلَا بِهَا بَعْدَ الْعَقْدِ.. كان حُكْمُهُمَا حُكْم الدُّخُولِ، فِي جَمِيعِ أُمُورِهِمَا، إلَّا فِي الرُّجُوعِ إلَى زَوْجٍ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، أَوْ فِي الزِّنَى، فَإِنَّهُمَا يُجْلَدَانِ، وَلَا يُرْجَمَانِ، وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا خَلَا بِامْرَأَتِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ، اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ مَهْرُهَا، وَوَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ، وَإِنْ لَمْ يَطَأْ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَزَيْدٍ، وَابْنِ عُمَرَ. وَبِهِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَعُرْوَةُ، وَعَطَاءٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَهُوَ قَدِيمُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ. انتهى.
ويترتب ثبوت المهر كاملًا بالخلوة الصحيحة، ولو لم يحصل جماع في رأي جمهور الفقهاء، وانظر الفتوى: 96298.
والله أعلم.