الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشرور والآثام لا تخرج عن خلق الله تعالى، شأنها شأن الخير والطاعات، فالكل من خلق الله تعالى، ومع ذلك فالعباد هم العاملون لها بمشيئتهم التي لا تخرج عن مشيئة الله.
فإثبات قضاء الله وقدره، وخلقه لأعمال عباده، لا يعني نفي إرادة العبد وكسبه لعمله، كما لا يلزم من إثبات علم الله الأزلي، أن العبد مجبر على فعله. وقد تقدم لنا تفصيل ذلك في الفتاوى: 95359، 130894، 129808.
ويبقى سؤال: لماذا خلق الله الشر والضرر؟ وهذا يرجع في جوابه، للفتويين: 135313، 400585.
وأما قوله تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ {الصافات:96}، ففي معناه قولان.
قال الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية: يحتمل أن تكون "ما" مصدرية، فيكون تقدير الكلام: والله خلقكم وعملكم. ويحتمل أن تكون بمعنى "الذي" تقديره: والله خلقكم والذي تعملونه. وكلا القولين متلازم، والأول أظهر؛ لما رواه البخاري في كتاب أفعال العباد .. عن حذيفة مرفوعا قال: "إن الله يصنع كل صانع وصنعته"، وقرأ بعضهم: {والله خلقكم وما تعملون}. اهـ.
والله أعلم.