الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعمل هذه الشركة، وتصنيعها للصناديق إما أن يكون لغير جهة معينة، ولا لاستخدام محدد؛ بمعنى أنها تصنع الصناديق الصالحة لاستعمالات مختلفة، لكن من بين من يستورد هذه الصناديق شركات الخمور.
وإما أن تكون الشركة تصنع الصناديق، أو بعضا منها -قطعًا- لشركات الخمور خاصة.
فعلى الاحتمال الأول؛ لا حرج في العمل في هذه الشركة؛ لأن مجال عملها -وهو صنع الصناديق- مباح، ولا يمنع منه كونه قد يستخدم في محرم؛ إذ لا توجد من العامل هنا إعانة مباشرة، ولا مقصودة على الحرام، وتراجع الفتوى: 419221.
أما على الاحتمال الثاني؛ فلا يجوز العمل في الشركة المذكورة، ولو لم يكن العامل هو من يضع القنينات في الصناديق؛ لما في العمل حينئذ من الإعانة المباشرة على الإثم، إلا في حالة ما إذا أمكنه تجنب العمل فيما خصص للاستعمال المحرم.
ودليل منع ذلك العمل عموم قول الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في مجموع الفتاوى: إذا أعان الرجل على معصية الله كان آثما؛ لأنه أعان على الإثم والعدوان، ولهذا لعن النبي -صلى الله عليه وسلم- الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومشتريها، وساقيها، وشاربها، وآكل ثمنها، وأكثر هؤلاء كالعاصر، والحامل، والساقي؛ إنما هم يعاونون على شربها. اهـ.
وللفائدة انظر الفتويين: 33525، 321739.
والله أعلم.