الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالله تعالى حكيم، يضع الأشياء في مواضعها، ويوقعها في مواقعها، وهو سبحانه لا يُسأَل عما يفعل؛ وذلك لكمال حكمته وعدله؛ فعليك أن تفوّض أمورك إلى الله تعالى، وأن تشغل نفسك بما يعنيك، ولا تشغل نفسك بما لا يعنيك؛ من كيفية جريان أفعال الرب تعالى، وأقضيته على الخلق.
وحسبك أن تؤمن بأنه حكيم، وأنه عدل لا يظلم الناس شيئًا -سبحانه وبحمده-، وهو سبحانه يبتلي من شاء بما شاء من خير أو شر؛ لما له في ذلك من الحكمة.
ولا يلزم أن يستوي الناس في ابتلائهم، ولا أن تستوي مدة ابتلائهم بالخير والشر، بل كل ذلك راجع إلى محض حكمته تعالى، والتي تعجز عقول البشر القاصرة عن إدراك كنهها.
ومن ثَمَّ؛ فعلى المؤمن أن يعنى بما يعود عليه بالنفع، وذلك أنه بين نعمة تستوجب الشكر، وبلية تستوجب الصبر: فعليه إذا أنعم عليه أن يجتهد في توفية هذا المقام حقه بالشكر؛ لينجح في الابتلاء بفتنة السراء. وإذا ابتلي بالضراء، فعليه أن يوفي هذا المقام حقه بالصبر؛ لينجح في الابتلاء في فتنة الضراء، كما قال تعالى: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ {الأنبياء:35}.
فلا تشغل نفسك بالأسئلة التي لا تعنيك إجابتها، كتلك الأسئلة: من يبتليه الله؟ وكيف يبتليه؟ وعلى أي أساس يحصل هذا الابتلاء؟ بل فوّض الأمر إلى الله سبحانه، مؤمنًا بحكمته التامة البالغة، مشتغلًا بما يعنيك من إقامة واجب العبودية في جميع حالاتك.
والله أعلم.