الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمتم لا تعلمون من أين حصل الجار على هذه النماذج -كما يظهر من السؤال- فلا يلزمكم سؤاله عن مصدرها، حتى وإن كان من المحتمل أن يكون قد حصل عليها بطريق غير مشروعة، وذلك أن الأصل في المسلم السلامة، وهو مؤتمن على ما في يده، وما جهلناه من خفايا الأمور كان في حقنا كالمعدوم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -كما في مجموع الفتاوى-: والأصل فيما بيد المسلم أن يكون ملكا له إن ادعى أنه ملكه ... فإذا لم أعلم حال ذلك المال الذي بيده بنيت الأمر على الأصل، ثم إن كان ذلك الدرهم في نفس الأمر قد غصبه هو ولم أعلم أنا، كنت جاهلا بذلك، والمجهول كالمعدوم ... وحينئذ فجميع الأموال التي بأيدي المسلمين واليهود والنصارى التي لا يعلم بدلالة، ولا أمارة أنها مغصوبة، أو مقبوضة قبضا لا يجوز معه معاملة القابض، فإنه يجوز معاملتهم فيها بلا ريب، ولا تنازع في ذلك بين الأئمة أعلمه. اهـ.
وأما السؤال الثاني فجوابه: أن المماكسة مشروعة، كما سبق أن بيناه في الفتوى: 133306. وإن تم البيع بعد المماكسة على وعد من المشتري بأن يشتري مرة أخرى، فينبغي أن يفي بوعده، والوفاء بالوعد اختلف أهل العلم في حكمه، وأليق الأقوال أنه يجب الوفاء به إن دخل الموعود بسبب الوعد في شيء يتضرر بالرجوع عنه، وراجعي في ذلك الفتويين: 17057، 12729.
وعلى ذلك؛ فإن كان الوعد هو الذي حمل البائع على قبول هذا السعر، وإلا لم يقبل به، فعندئذ يجب الوفاء بالوعد، ويكون من الظلم إخلاف المشتري بوعده، وإلا لم يجب الوفاء، واستحب استحبابا أكيدا.
والله أعلم.