الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على كل مسلم أن يحب النبي -صلى الله عليه وسلم- أكثر من حبه لنفسه، وماله، وولده، والناس أجمعين، وأن يحبه أكثر من حبه لأي مخلوق آخر؛ سواء كان ملكا، أو غيره؛ كالعرش، والكعبة، وغير ذلك.
وذلك لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو أكرم الخلق على الله -عز وجل-، وأحب الخلق إليه، فهو -صلوات الله عليه- أفضل المخلوقات طرا.
قال البهوتي في كشاف القناع: وما خلق اللَّهُ خَلْقًا أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنْ نَبِيّنَا مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْبَرَاهِينُ. وَأَمَّا نَفْسُ تُرَابِ تُرْبَتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَيْسَ هُوَ أَفْضَلُ مِن الْكَعْبَةِ، بَلْ الْكَعْبَةُ أَفْضَلُ مِنْهُ. قَالَ فِي الْفُنُونِ: الْكَعْبَةُ أَفْضَلُ مِنْ مُجَرَّدِ الْحُجْرَةِ، فَأَمَّا وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهَا، فَلَا وَاَللَّهِ، وَلَا الْعَرْشُ، وَحَمَلَتُهُ، وَالْجَنَّةُ؛ لِأَنَّ بِالْحُجْرَةِ جَسَدًا لَوْ وُزِنَ بِهِ لَرَجَحَ. انتهى.
وثبت في الصحيح من حديث أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده، ووالده، والناس أجمعين. وقال الله تعالى: قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ {التوبة:24}.
فدل على وجوب محبة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأن محبته مقدمة على محبة جميع المخلوقات، وذلك لأن كل نفع وصل إلى العبد، فمن طريقه، وبواسطة بعثته الشريفة -صلى الله عليه وسلم-، وشرف، وكرم.
والله أعلم.