الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يُشترط في حجاب المرأة أو نقابها لونٌ معين، كما بيناه في الفتوى: 379714.
وما ورد عن نساء الصحابة أنهن كن يخرجن وكأن على رؤوسهن الغربان، هذا لا يفيد اشتراط اللون الأسود، وإنما يفيد أنهن كن يختمرن، وأن لون ما كن يختمرن به هو اللون الأسود، ففي سنن أبي داود من حديث أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتْ (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ) خَرَجَ نِسَاءُ الأَنْصَارِ كَأَنَّ عَلَى رُؤُوسِهِنَّ الْغِرْبَانُ مِنَ الأَكْسِيَةِ. اهـ. قال في عون المعبود: شبهت الخُمُر في سوادها بالغراب. اهـ.
وهذا في ذاته لا يدلّ -كما ذكرنا- على اشتراط السواد في الخمار، فقد ورد أيضًا أن نساء الصحابة كن يلبسن الخمار الأخضر، ففي صحيح البخاري عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزَّبِيرِ الْقُرَظِيُّ، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَعَلَيْهَا خِمَارٌ أَخْضَرُ، فَشَكَتْ إِلَيْهَا، وَأَرَتْهَا خُضْرَةً بِجِلْدِهَا، فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -وَالنِّسَاءُ يَنْصُرُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا- قَالَتْ عَائِشَةُ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مَا يَلْقَى الْمُؤْمِنَاتُ؛ لَجِلْدُهَا أَشَدُّ خُضْرَةً مِنْ ثَوْبِهَا. اهــ.
والله أعلم.