الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن المخلوق لا يقدر على تحويل نفسه، ولا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا، والله وحده هو الخالق، يفعل ما يشاء. فنستغرب من مثل هذا السؤال، وإبليس ليس من الملائكة، كما يدل عليه صريح قول الله تعالى: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ [الكهف:50].
وقد روى ابن جرير عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: مَا كَانَ إِبْلِيسُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ طَرْفَةَ عَيْنٍ قَطُّ، وَإِنَّهُ لَأَصْلُ الْجِنِّ، كَمَا أَنَّ آدَمَ أَصْلُ الْإِنْسِ. اهـ
والملائكة معصومون من ارتكاب الكفر الذي ارتكبه إبليس، قال الله تعالى: لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6] وقال تعالى: لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ [الأنبياء:27].
واستثناء إبليس من الملائكة في مثل قول الله تعالى: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ {سورة البقرة:}، هذا ليس معناه أنه من جنسهم، وإنما كان يتعبد معهم، فأطلق عليه اسمهم، كالحليف يطلق على اسم القبيلة.
وقد دلت السنة على أن الملائكة خلقها الله تعالى من النور، كما في الحديث: خُلِقَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورٍ، وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ، وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ. رواه مسلم.
وما دام أن إبليس من الجن، كما في نص القرآن، فإنه مخلوق من مارج من نار، وليس من النور؛ فإذن ليس هو من الملائكة.
والله أعلم.