الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالجملة المنسوبة لعمر -رضي الله عنه-، لم نقف لها على سند متصل صحيح، وقد ورد ذكرها في كتاب: الخراج للقاضي أبي يوسف تلميذ الإمام أبي حنيفة دون سند، فقد ذكر في كتابه: الخراج: وَكَتَبَ أَبُو عُبَيْدَةَ إِلَى عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- بِهَزِيمَةِ الْمُشْرِكِينَ، وَبِمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَمَا أَعْطَى أَهْلَ الذِّمَّةِ مِنَ الصُّلْحِ، وَمَا سَأَلَهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَنْ يُقَسِّمَ بَيْنَهُمُ الْمُدُنَ وَأَهْلَهَا، وَالأَرْضَ وَمَا فِيهَا مِنْ شَجَرٍ أَوْ زَرْعٍ، وَأَنَّهُ أَبَى ذَلِكَ عَلَيْهِمْ؛ حَتَّى كَتَبَ إِلَيْهِ فِيهِ لِيَكْتُبَ إِلَيْهِ بِرَأْيِهِ فِيهِ ...
ثم ذكر رسالة عمر لأبي عبيدة، وفيها: فَإِذَا أَخَذْتَ مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ، فَلا شَيْءَ لَكَ عَلَيْهِمْ وَلا سَبِيلَ. أَرَأَيْتَ لَوْ أَخَذَنَا أَهْلَهَا فاقتسمناهم، مَا كَانَ لِمَنْ يَأْتِي مِنْ بَعْدِنَا مِنَ الْمُسلمين، وَالله مَا كَانُوا يَجِدُونَ إِنْسَانًا يُكَلِّمُونَهُ، وَلا يَنْتَفِعُونَ بِشَيْء مِنْ ذَاتِ يَدِهِ، وَأَنَّ هَؤُلاءِ يَأْكُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ مَا دَامُوا أَحْيَاءً؛ فَإِذا هلكنا وهلكوا أكل أبناؤنا أَبْنَاءَهُمْ أَبَدًا مَا بَقُوا، فَهُمْ عَبِيدٌ لأَهْلِ دِينِ الإِسْلامِ، مَا دَامَ دِينُ الإِسْلامِ ظَاهِرًا؛ فَاضْرِبْ عَلَيْهِمُ الْجِزْيَةَ، وَكُفَّ عَنْهُمُ السَّبْيَ، وَامْنَعِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ ظُلْمِهِمْ، وَالإِضْرَارِ بِهِمْ، وَأَكْلِ أَمْوَالِهِمْ، إِلا بِحِلِّهَا، ووف لَهُمْ بِشَرْطِهِمُ الَّذِي شَرَطْتَ لَهُمْ فِي جَمِيعِ مَا أَعْطَيْتَهُمْ. اهـ.
والله أعلم.