الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام هذا الراتب تبرعا من المعطي، فله أن يعطيه لمن يشاء. ولا إشكال في أنه لا إثم على النائب المعزول في أخذه هذا المبلغ من المتبرع.
وأما قولك: (وهل يجوز له صرفه إلى الإمام والمسؤول مع أن المعطي لا يرضى بذلك): فمجرد عدم رضا المتبرع بإعطاء النائب راتبه للإمام أو المسؤول، أو بغيره من أنواع التصرف، لا يمنع من جواز هذا التصرف من قِبَل النائب.
ويبقى الكلام فيما إذا اشترط المتبرع على النائب ذلك: وحينئذ يكون المبلغ هبة للنائب مشروطة بعدم التصرف فيها بنوع من التصرف، ومثل هذا الشرط فاسد عند أكثر العلماء، ولا تحرم مخالفته، كما سبق في الفتوى: 126018.
وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى صحة مثل هذا الشرط، ولزوم الوفاء به.
قال ابن تيمية: وتصح الشروط التي لم تخالف الشرع في جميع العقود.
سأل أبو طالب الإمام أحمد عمّن اشترى أمة بشرط أن يتسرى بها، لا للخدمة؟ قال: لا بأس به.
وهذا من أحمد يقتضي أنه إذا شرط على البائع فعلًا أو تركًا في البيع مما هو مقصود للبائع أو للمبيع نفسه؛ صحّ البيع والشرط، كاشتراط العتق. وكما اشترط عثمان لصهيب وقف داره عليه، ومثل هذا: أن يبيعه بشرط ألا يبيعه، أو لا يهبه. اهـ. من الأخبار العلمية من اختيارات ابن تيمية للبعلي.
والأسلم عدم إعطاء الراتب للإمام والمسؤول، إذا اشترط المتبرع ذلك على النائب.
والله أعلم.