الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه ليس للجمعة سنة قبلية على الصحيح من أقوال أهل العلم، لأن هذا لم ترد به السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة و السلام.
وإنما الداخل للمسجد عليه أن يصلي تحية المسجد، فإذا أحب أن يتنفل فليصل ما شاء دون قصد عدد، وإذا أحب أن يجلس بعد تحية المسجد، ويذكر الله أو يصلي على نبيه، -صلى الله عليه وسلم- أو يقرأ ما تيسر من كتاب الله، فليفعل ذلك .
ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية أن ترك الصلاة قبل الجمعة أفضل، حتى لا يعتقد الجهال أنها سنة راتبة أو أنها واجبة ، فتترك حتى يعرف عوام الناس أنها ليست سنة ولا واجبة ، لا سيما إذا داوم الناس عليها ، فينبغي تركها أحياناً لذلك، يقول شيخ الإسلام من في الفتوى الكبرى بعد أن ذكر الخلاف في المسألة: "وَيُتَوَجَّهُ أَنْ يُقَالَ هَذَا الْأَذَانُ لَمَّا سَنَّهُ عُثْمَانُ، وَاتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ، صَارَ آذَانًا شَرْعِيًّا، وَحِينَئِذٍ فَتَكُونُ الصَّلَاةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَذَانِ الثَّانِي جَائِزَةً حَسَنَةً، وَلَيْسَتْ سُنَّةً رَاتِبَةً، كَالصَّلَاةِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ. وَحِينَئِذٍ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ، وَمَنْ تَرَكَ ذَلِكَ لَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ. وَهَذَا أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ، وَكَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ يَدُلُّ عَلَيْهِ.
وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يَكُونُ تَرْكُهَا أَفْضَلَ إذَا كَانَ الْجُهَّالُ يَظُنُّونَ أَنَّ هَذِهِ سُنَّةٌ رَاتِبَةٌ، أَوْ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ، فَتُتْرَكُ حَتَّى يَعْرِفَ النَّاسُ أَنَّهَا لَيْسَتْ سُنَّةً رَاتِبَةً. وَلَا وَاجِبَةً، لَا سِيَّمَا إذَا دَاوَمَ النَّاسُ عَلَيْهَا فَيَنْبَغِي تَرْكُهَا أَحْيَانًا حَتَّى لَا تُشْبِهَ الْفَرْضَ، كَمَا اسْتَحَبَّ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ أَنْ لَا يُدَاوَمَ عَلَى قِرَاءَةِ السَّجْدَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَهَا، فَإِذَا كَانَ يُكْرَهُ الْمُدَاوَمَةَ عَلَى ذَلِكَ فَتَرْكُ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى مَا لَمْ يَسُنَّهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَوْلَى . انتهى.
وقد أنكر مشروعية سنة الجمعة القبلية ابن القيم في زاد المعاد .
والله أعلم .