الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت جدتكم فقدت عقلها؛ لكبر السن ــ كما يفهم من السؤال ــ؛ فإنها غير مكلفة، ولا تطالب شرعًا بصلاة، ولا صيام، ولا غيرهما من العبادات؛ إذ العقل مناط التكليف، ومن زال عقله زال التكليف عنه؛ لحديث: رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: ـــ وذكر منهم ــ: وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ، أَوْ يَفِيقَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَالْأَرْبَعَةُ، إِلَّا التِّرْمِذِيَّ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
وقد سُئِلَتِ اللجنة الدائمة عن مصاب بفقد الذاكرة، وعمره خمسة وسبعون عامًا، ولا يتقن الصلاة، ولا يدري كم يصلي، ولا يصلي إلا إذا ذكره أحد.
فأجابت بقولها: إذا كان الواقع ما ذكر، فليس على والدكم صلاة، ولا صيام؛ لأنه فاقد للعقل، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «رفع القلم عن ثلاثة: النائم حتى يستيقظ، والصغير حتى يحتلم، والمجنون حتى يفيق»، ووالدكم فاقد للعقل، كواحد من هؤلاء. اهــ.
وقالت في فتوى أخرى: إذا كانت هذه الفتاة تعقل أحيانًا، فيجب عليها أداء الواجبات الشرعية -من صلاة، وصيام، وغيرها-، حال عقلها، وأما في حال غياب عقلها؛ فإنه لا يجب عليها شيء من التكاليف الشرعية؛ لحديث: «رفع القلم عن ثلاثة» . . . وذكر منهم: وعن المجنون حتى يفيق. اهــ
فإذا كانت جدتكم يغيب عقلها أحيانًا، وتعقل أحيانًا أخرى، فيجب عليها أداء الصلاة حال صحوها، ولا تطالبون بأكثر من تنبيهها على دخول وقت الصلاة.
وإذا كانت نائمة وخشيتم خروج الوقت، فيشرع لكم إيقاظها للصلاة، إما استحبابًا أو وجوبًا، على خلاف بين الفقهاء في حكم إيقاظ النائم للصلاة، كما بيناه في الفتوى: 130864.
والله أعلم.