الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صح ما ذكرت من أن هذه حال زوجك في تعامله معك ومع أولاده، فإنه قد جمع بين الإساءة والظلم، ومن أعظم إساءته كونه لا يصلي، وهذا يعني أنه قاطع للصلة بينه وبين ربه -عز وجل-، ومن لا يرعى لله سبحانه حقا، لا يُرجى منه أن يقوم بحقوق خلقه؛ فإن الصلاة تحول بين صاحبها وبين اقتراف الذنوب والآثام، قال تعالى: اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ {العنكبوت:45}.
والزوج مطالب شرعا بأن يحسن معاملة أهله وولده، وأن يكون رحيما بهم، قائما بما يجب عليه من حقوق تجاههم، لا أن يكون شرًّا ووبالًا عليهم، ومعتديا على حقوقهم، وانظري الفتوى: 134877.
وللزوج الحق في الزواج من ثانية إن كان قادرًا على العدل بين زوجتيه، والقيام بحقوقهما، ولكن ليس له أن يذهب فيشين سمعة زوجته، ويدَّعي أنها لا تعطيه حقوقه، أو يتكلم عنها بما لا يليق؛ ليبرر زواجه من ثانية.
وكذلك الحال بالنسبة للطلاق، فإنه مباح، ويكره إن لم تدعُ إليه حاجة، وكونه مباحا لا يعني أن يجعله الزوج سيفا مسلطا يهدد به زوجته، فهذا كله نوع من سوء العشرة، وتراجع الفتوى: 13518، والفتوى: 12963.
وقد أحسنت بحرصك على أن يكون الأولاد بارين بأبيهم، مجتنبين لعقوقه، فجزاك الله خيرا، ولا شك في أن من حق الأب أن يبره أولاده، ويحسنوا إليه وإن أساء، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 419614.
والواجب أن ينصح هذا الرجل، ويُذكَّر بالله -عز وجل-، ويُخوَّف من أليم عقابه، وخاصة فيما يتعلق بأمر الصلاة، وظلمه واعتدائه على حقوق أهله وولده، وينبغي أن يُسلَّط عليه الفضلاء من الناس، ومن يرجى أن يكون لقولهم تأثير عليه، فإن رجع إلى رشده وصوابه، وتاب إلى الله -عز وجل- وحافظ على الصلاة، وانتهى عن الظلم؛ فذاك. وإلا؛ فلا خير لك في البقاء في عصمته.
وحقوق المطلقة وأولادها سبق بيانه في الفتوى: 8845.
وهنالك خلاف بين الفقهاء في نفقة الابن البالغ القادر على الكسب بيناه في الفتوى: 66857.
ونفقة البنت المطلقة التي لا مال لها على أبيها، روى ابن ماجه عن سراقة بن مالك -رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ألا أدلكم على أفضل الصدقة؟ ابنتك مردودة إليك، ليس لها كاسب غيرك.
قال الطيبي في شرحه المسمى الكاشف عن حقائق السنن: قوله: ((مردودة)).... هي التي تطلق، وترد إلى بيت أبيها، وأراد ألا أدلك على أفضل أهل الصدقة؟ فحذف المضاف.... وللمردودة من بناته، أي تسكنها، لأن المطلقة لا مسكن لها على زوجها. أقول: ويمكن أن يقدر: صدقة تستحقها ابنتك في حال ردها إليك، وليس لها كاسب غيرك. اهـ.
وأما ابنة هذه البنت، فنفقتها على أبيها.
ومجرد كون هذا البيت باسمك لا يعني ملكيتك له، إن لم تكوني قد ملكته حقيقة ببيع أو هبة صحيحة ونحو ذلك، وإن وقع نزاع في هذا الأمر، أو في غيره من المسائل التي ذكرنا، فالأفضل مراجعة الجهات المختصة بالنظر في قضايا الأحوال الشخصية عندكم.
والله أعلم.